تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٨٠
المكروه نقص للقلب [يعصم القلب ظ]، وإن كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا (1) وربما كان الدواء داء والداء دواء. وربما نصح غير الناصح وغش المستنصح (2). وإياك و الاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى (3) وتثبط عن خير الآخرة والدنيا، ذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب. ولا تكن كحاطب الليل وغثاء السيل (4). وكفر النعمة لؤم. وصحبة الجاهل شوم. والعقل حفظ التجارب. وخير ما جربت ما وعظك ومن الكرم لين الشيم (5) بادر الفرصة قبل أن تكون غصة. من الحزم العزم. من سبب الحرمان التواني. ليس كل طالب يصيب. ولا كل راكب يؤوب. ومن الفساد إضاعة الزاد ولكل أمر عاقبة. رب يسير أنمى من كثير. سوف يأتيك ما قدر لك. التاجر مخاطر (6) ولا خير في معين مهين. لا تبيتن من أمر على غرر (7) من حلم ساد. ومن تفهم أزداد.
ولقاء أهل الخير عمارة القلوب. ساهل الدهر ما دل لك قعوده (8) وإياك أن تجمح (9) بك

(1) الخرق - بالضم -: العنف أي الشدة وضد الرفق. والمراد أنه إذا كان في مقام يلزمه العنف لمصلحة كمقام التأديب واجراء الحدود يكون إبداله بالرفق عنفا ويكون العنف في هذا المقام من الرفق، فلا يجوز وضع كل منهما موضع الاخر.
(2) المستنصح - اسم مفعول -: المطلوب منه النصح.
(3) المنى: جمع منية - بالضم فالسكون -: ما يتمناه الانسان لنفسه ويعلل نفسه باحتمال الوصول إليه. والبضائع: جمع بضاعة وهي من المال ما أعد للتجارة. والنوكى - كسكرى -: جمع الأنوك أي الأحمق وأيضا المقهور والمغلوب والمراد هنا الضعيف النفس في الرأي والعمل. وفى النهج " الموتى " لان المتجر بها الموتى. والتثبط: التعويق. فإذا تمنيت فاعمل لأمنيتك.
(4) يقال: " هو حاطب ليل " أي يخلط في كلامه.
(5) الشيم - بالكسر والفتح -: جمع شيمة وهي الخلق والطبيعة. والمراد به الأخلاق الحسنة.
(6) أي بنفسه وماله. والمهين إما بضم الميم بمعنى فاعل الإهانة ولا يصلح لان يكون معينا فيفسد ما يصلح، أو بفتحها بمعنى الحقير فإنه أيضا لا يصلح لضعف قدرته. وفى النهج بعد هذا الكلام " ولا في صديق ظنين " والظنين - بالظاء: المتهم: - وبالضاد -: البخيل.
(7) الغرر منه - بالتحريك - المغرور به. وفى النهج " ولا تبين من أمر على غدر ".
(8) القعود - بالفتح -: من الإبل ما يقتعده الراعي في كل حاجة أي يتخذ مركبا ويقال أيضا للإبل: الفصيل من قياده.
(9) يقال: جمحت المطية: تغلب على راكبه وذهب به. وجمحت به أي طرحت به وحمله على ركوب المهالك. اللجاج - بالفتح - الخصومة. أي أنى أحذرك من أن تغلبك الخصومات فلا تملك نفسك من الوقوع في مضارها.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست