بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن [أنت] أخدت به.
أحي قلبك بالموعظة وموته بالزهد وقوه باليقين وذلله بالموت (1) وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا (2) وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والأيام (3) وأعرض عليه أخبار الماضين وذكره بما أصاب من كان قبله وسر في بلادهم وآثارهم وانظر ما فعلوا وأين حلوا وعما انتقلوا فإنك تجدهم انتقلوا عن الأحبة وحلوا دار الغربة وناد في ديارهم: أيتها الديار الخالية أين أهلك ثم قف على قبورهم فقل:
أيتها الأجساد البالية والأعضاء المتفرقة كيف وجدتم الدار التي أنتم بها، أي بني وكأنك عن قلى قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ولا تبع آخرتك بدنياك ودع القول فيما لا تعرف والخطاب فيما لا تكلف وأمسك عن طريق إذا خفت ضلاله فإن الكف عن حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال، وأمر بالمعروف تكن من أهله وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك وجاهد في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم وخض الغمرات إلى الحق حيث كان (4) وتفقه في الدين وعود نفسك التصبر (5) وألجئ نفسك في الأمور كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز (6) ومانع عزيز وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان وأكثر الاستخارة (7) وتفهم وصيتي ولا تذهبن [عنها] صفحا (8)، فإن خير القول ما نفع