ويسر لا ينال إلا بعسر (1).
وإياك أن توجف بك مطايا الطمع (2) فتوردك مناهل الهلكة. وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك وآخذ سهمك. وإن اليسير من الله تبارك وتعالى أكثر وأعظم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه. ولو نظرت - ولله المثل الاعلى - فيما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخارا، وأن عليك في كثير ما تصيب من الدناة عارا. (3) فاقتصد في أمرك تحمد مغبة عملك (4). إنك لست بائعا شيئا من دينك وعرضك بثمن. والمغبون من غبن نصيبه من الله، فخذ من الدنيا ما أتاك واترك ما تولى، فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب.
وإياك ومقاربة من رهبته على دينك وباعد السلطان ولا تأمن خدع الشيطان (5) وتقول: متى أرى ما أنكر نزعت، فإنه كذا هلك من كان قبلك من أهل القبلة وقد أيقنوا بالمعاد، فلو سمعت بعضهم بيع آخرته بالدنيا لم يطب بذلك نفسا (6)، ثم قد يتخبله الشيطان بخدعه ومكره حتى يورطه في هلكته بعرض من الدنيا حقير (7)