مجهولة ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق وأجمعت عليه (1) من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل بين ذي النقية والنية وأن أبدأك بتعليم كتاب الله (2) وتأويله وشرائع الاسلام وأحكامه وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره ثم أشفقت أن يلبسك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم مثل الذي لبسهم (3) وكان إحكام ذلك لك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من إسلامك إلى أمر لا آمن عليك فيه الهلكة (4) ورجوت أن يوفقك الله فيه لرشدك وأن يهديك لقصدك فعهدت إليك وصيتي هذه واحكم مع ذلك.
أي بني إن أحب ما أنت آخذ به إلي من وصيتي تقوي الله والاقتصار على ما افترض عليك والاخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك والصالحون من أهل ملتك فإنهم لم يدعوا أن [ي] نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الاخذ بما عرفوا والامساك عما لم يكلفوا، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم ما كانوا علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم لا بتورط الشبهات وعلق الخصومات، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك عليه والرغبة إليه في توفيقك وترك كل شائبة أدخلت عليك شبهة (5) وأسلمتك إلى ضلالة وإذا أنت أيقنت أن قد صفا [لك] قلبك فخشع وتم رأيك فاجتمع وكان همك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسرت لك وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من نفسك من فراغ (6) فكرك