تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٦٧
لا دين إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بتصديق ولا تصديق إلا بتجريد التوحيد ولا توحيد إلا بالاخلاص ولا إخلاص مع التشبيه ولا نفى مع إثبات الصفات ولا تجريد إلا باستقصاء النفي كله، إثبات بعض التشبيه يوجب الكل ولا يستوجب كل التوحيد ببعض النفي دون الكل والاقرار نفي الانكار ولا ينال الاخلاص بشئ من الانكار، كل موجود في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه، لا تجري عليه الحركة ولا يمكن فيه التجزية ولا الاتصال، وكيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود إليه ما هو ابتدأه أو يحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ولتجزأ كنهه ولامتنع من الأزل معناه ولما كان للأزل معنى إلا معنى الحدث ولا للبارئ إلا معنى المبروء (1)، لو كان له وراء لكان له أمام ولو التمس التمام إذا لزمه النقصان وكيف يستحق اسم الأزل من لا يمتنع من الحدث وكيف يستأهل الدوام من تنقله الأحوال والأعوام وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الأشياء (2) إذا لقامت فيه آلة المصنوع ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه ولاقترنت صفاته بصفات ما دونه، ليس في محال القول حجة ولا في المسألة عنها جواب (3). - هذا مختصر منها - (4).

(1) قوله: " إذا لتفاوتت ذاته إلخ " أي لاختلف ذاته باختلاف الاعراض عليها ولتجزأت حقيقته. وقوله: " لامتنع من الأزل معناه " أي لو كان قابلا للحركة والسكون لكان جسما ممكنا لذاته فكان مستحقا للحدوث الذاتي بذاته فلم يكن مستحقا للأزلية بذاته فيبطل من الأزلية معناه وهذا القول وما بعده كالتعليل لما سبق.
(2) كذا ولكن في بعض نسخ الحديث [من لا يمتنع من الانشاء].
(3) " إذا لقامت إلخ " يعنى لو كان فيه تلك الحوادث والتغيرات لقامت فيه علامة المصنوع وكان دليلا على وجود صانع آخر غيره ومشترك مع غيره في الصفات فليس في هذا القول المحال حجة ولا في السؤال عنه جواب لظهور خطائه لأنه إذا يكون ممكنا كسائر الممكنات وليس بواجب الوجود.
(4) هذه الخطبة منقولة في النهج مع اختلاف وزيادات ورواها الصدوق طاب ثراه بتمامها في التوحيد والعيون عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام بأدنى تفاوت.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست