بين متعادياتها (1) متقاربا بين متبايناتها، دالة بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها، جعلها سبحانه دلائل على ربوبيته وشواهد على غيبته ونواطق عن حكمته إذ ينطق تكونهن عن حدثهن، ويخبرن بوجودهن عن عدمهم، وينبئن بتنقيلهن عن زوالهن ويعلن بأفولهن أن لا أفول لخالقهن، وذلك قوله جل ثناؤه: " ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (2) " ففرق بين هاتين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها (3) دالة بتفاوتها أن لا تفاوت في مفاوتها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبينها، ثبت له معنى الربوبية إذ لا مربوب وحقيقة الإلهية ولا مألوه (4) وتأويل السمع ولا مسموع ومعنى العلم ولا معلوم ووجوب القدرة ولا مقدور عليه، ليس مذ خلق الخلق استحق اسم الخالق ولا بإحداثه البرايا استحق اسم البارئ (5) فرقها لا من شئ وألفها لا بشئ وقدرها لا باهتمام، لا تقع الأوهام على كنهه ولا تحيط الافهام بذاته، لا تفوته متى (6)
(٦٥)