تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٦٣
وإيداؤه إياهم شاهد على ألا أداة فيه، لشهادة الأدوات بفاقة المؤدين. وابتداؤه إياهم دليل على ألا ابتداء له. لعجز كل مبتدء عن إبداء غيره.
أسماؤه تعبير وأفعاله تفهيم. وذاته حقيقة. وكنهه تفرقة بينه وبين خلقه، قد جهل الله من استوصفه. وتعداه من مثله. وأخطأه اكتنهه (1)، فمن قال: أين فقد بوأه. ومن قال: فيم فقد ضمنه. ومن قال: إلى م فقد نهاه. ومن قال: لم فقد علله (2). ومن قال: كيف، فقد شبهه. ومن قال: إذ، فقد وقته. ومن قال: حتى فقد غياه (3). ومن غياه فقد جزأه. ومن جزأه فقد وصفه، ومن وصفه فقد ألحد فيه ومن بعضه فقد عدل عنه.
لا يتغير الله بتغيير المخلوق كما لا يتحدد بتحديد المحدود، أحد لا بتأويل عدد، صمد لا بتبعيض بدد، (4) باطن لا بمداخلة، ظاهر لا بمزايلة، متجل لا باشتمال رؤية، لطيف لا بتجسم، فاعل لا باضطراب حركة، مقدر لا بجول فكر [ة]، مدبر لا بحركة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، قريب لا بمداناة، بعيد لا بمسافة، موجود لا بعد عدم، لا تصحبه الأوقات ولا تتضمنه الأماكن ولا تأخذه

(1) " أسماؤه تعبير " أي ليست عين ذاته وصفاته بل هي معبرات شهد عنها. وأفعاله تفهيم ليعرفوه ويستدلوا بها على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته ورحمته. وقوله: " وذاته حقيقة " أي حقيقة مكونة عالية لا تصل إليها عقول الخلق بأن يكون التنوين للتعظيم والتبهيم أو خليقة بأن تتصف بالكمالات دون غيرها أو ثابتة واجبة لا يعتريها التغير والزوال، فان الحقيقة ترد بتلك المعاني كلها. " وكنهه تفرقة بينه وبين خلقه " لعدم اشتراكه معهم في شئ والحاصل عدم امكان معرفة كنهه. وقوله: " تعداه " أي تجاوزه. وقوله: " من اكتنهه " أي توهم أنه أصاب كنهه.
(2) في بعض النسخ [اعله] وهو تصحيف ولعله من النساخ.
(3) أي جعل لبقائه غاية ونهاية.
(4) " أحد لا بتأويل عدد " بأن يكون معه ثان من جنسه أو بأن يكون واحدا مشتملا على اعداد وقوله: " صمد لا بتبعيض بدد " الصمد هو السيد المقصود إليه في الحوائج لأنه القادر على أدائه. والبدد جاء بمعنى الحاجة فعلى هذا يكون المعنى هو السيد المصمود المقصود إليه في الحوائج من دون تبعيض الحاجة.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست