تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ١٢٨
من رعيتك، فإنك إن لا تفعل تظلم ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ومن خاصمه الله أدحض حجته (1) وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب. وليس شئ أدعى إلى تغيير نعمة من إقامة على ظلم، فإن الله يسمع دعوة المظلومين وهو للظالمين بمرصاد و من يكن كذلك فهو رهين هلاك في الدنيا والآخرة.
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل وأجمعها (2) للرعية فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة (3) وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء وأقل له معونة في البلاء وأكره للانصاف وأسأل بالالحاف (4) وأقل شكرا عند الاعطاء وأبطأ عذرا عند المنع وأضعف صبرا عند ملمات الأمور من الخاصة، وإنما عمود الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء أهل العامة من الأمة فليكن لهم صغوك (5) واعمد لأعم الأمور منفعة وخيرها عاقبة ولا قوة إلا بالله.
وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لعيوب الناس، فإن في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها فلا تكشفن ما غاب عنك واستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك وأطلق عن الناس عقد كل حقد (6) واقطع عنك سبب كل وتر واقبل العذر وادرء الحدود بالشبهات. وتغاب عن كل ما لا يضح لك ولا تعجلن إلى تصديق ساع فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين (7).

(1) أدحض: أبطل. وحربا أي محاربا. وينزع أي يقلع عن ظلمه. وأدعى أي أشد دعوة.
(2) في النهج [أجمعها لرضى الرعية].
(3) يجحف أي يذهب برضى الخاصة.
(4) الالحاف: الالحاح والشدة في السؤال.
(5) الصغو: الميل. وفى بعض النسخ [صغوك].
(6) أي أحلل عقد الأحقاد من قلوب الناس بحسن السيرة مع الناس. والوتر - بالاكسر -:
العداوة أي اقطع عنك أسباب العداوات بترك الإساءة إلى الرعية.
(7) الساعي: النمام بمعاتب الناس. والغاش: الخائن.
(١٢٨)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست