(مسألة) (فأما الأعيان المضمونة كالغصوب والعواري والمقبوض على وجه السوم فيصح ضمانها) وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وقال في الآخر لا يصح لأن الأعيان غير ثابتة في الذمة فإنما يضمن ما يثبت في الذمة ووصفنا لما بالضمان إنما معناه أنه يلزم قيمتها عند التلف والقيمة مجهولة ولنا أنها مضمونة على من هي في يده فصح ضمانها كالحقوق الثابتة في الذمة، وقولهم ان الأعيان لا تثبت في الذمة قلنا الضمان في الحقيقة إنما هو ضمان استنقاذها وردها والتزام تحصيلها أو قيمتها عند تلفها وهذا مما يصح ضمانه كعهدة المبيع فإنه يصح وهي في الحقيقة التزام رد الثمن أو عوضه إن ظهر بالمبيع عيب أو استحق.
(فصل) ويصح ضمان الجعل في الجعالة وفي المسابقة والمناضلة وقال أصحاب الشافعي لا يصح ضمانه في أحد الوجهين لأنه لا يؤول إلى اللزوم أشبه مال الكتابة ولنا قول الله تعالى (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) ولأنه يؤول إلى اللزوم إذا عمل العمل وإنما الذي لا يلزم العمل والمال يلزم بوجوده والضمان للمال دون العمل، ويصح ضمان أرش الجناية سواء كان نقودا كقيم المتلفات أو حيوانا كالديات وقال أصحاب الشافعي لا يصح ضمان الحيوان الواجب فيها لأنه مجهول وقد مضى الدليل على صحة ضمان المجهول ولان الإبل الواجبة في الدية معلومة الأسنان والعدد وجهالة اللون وغيره من الصفات الباقية لا تضر لأنه إنما يلزمه أدنى لون وصفة فيحصل معلومه وكذلك غيرها من الحيوان ولان جهل ذلك لا يمنع وجوبه باتلاف فلم يمنع وجوبه بالالتزام ويصح ضمان نفقة الزوجة سواء كانت نفقة يومها أو مستقبلة لأن نفقة اليوم واجبة والمستقبلة مآلها إلى اللزوم ويلزمه ما يلزم الزوج في قياس المذهب، وقال القاضي: إذا ضمن نفقة المستقبل لم يلزمه إلا نفقة المعسر لأن الزيادة على ذلك تسقط بالاعسار، وهذا مذهب الشافعي على القول الذي قال فيه يصح ضمانها.
ولنا أنه يصح ضمان الجعالة والصداق قبل الدخول والمبيع في مدة الخيار. فأما النفقة في الماضي