يصلون إلى الحجاج على البريد من مائة ومن خمسين وأقل وأكثر وكتب الحجاج تتصل بعبد الملك كل يوم بخبر عبد الرحمن فسار الحجاج من البصرة ليلقى عبد الرحمن فنزل تستر وقدم بين يديه مقدمة إلى دجيل فلقوا عنده خيلا لعبد الرحمن فانهزم أصحاب الحجاج بعد قتال شديد وكان ذلك يوم الأضحى سنة إحدى وثمانين وقتل منهم جمع كثير.
فلما أتى خبر الهزيمة إلى الحجاج رجع إلى البصرة وتبعه أصحاب عبد الرحمن فقتلوا منهم وأصابوا بعض أثقالهم وأقبل الحجاج حتى نزل الزاوية وجمع عنده الطعام وترك البصرة لأهل العراق ولما رجع نظر في كتاب المهلب فقال لله دره أي صاحب حرب هو وفرق في الناس مائة وخمسين ألف درهم.
فأقبل عبد الرحمن حتى دخل البصرة فبايعه جميع أهلها قراؤها وكهولها مستبصرين في قتال الحجاج ومن معه من أهل الشام وكان السبب في سرعة إجابتهم إلى بيعته أن عمال الحجاج كتبوا اليه أن الخراج قد انكسر وان أهل الذمة قد أسلموا ولحقوا بالأمصار فكتب إلى البصرة وغيرها أن من كان له أصل من قرية فليخرج إليها فأخرج الناس لتؤخذ منهم الجزية فجعلوا يبكون وينادون يا محمداه يا محمداه ولا يدرون أين يذهبون وجعل قراء البصرة يبكون لما يرون فلما قدم ابن الأشعث عقيب ذلك بايعوه على حرب الحجاج وخلع عبد الملك.
وخندق الحجاج على نفسه وخندق عبد الرحمن على البصرة وكان دخول عبد الرحمن البصرة في آخر ذي الحجة.