تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٧٣
وأجنه وجن عليه: فجنه ستره، وأجنه جعل له ما يجنه كقولك: قبرته وأقبرته وسقيته وأسقيته، وجن عليه كذا ستر عليه قال عز وجل: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا، انتهى فجن الليل إسداله الظلام لا مجرد ما يحصل بغروب الشمس.
وقوله: (فلما جن عليه الليل) تفريع على ما تقدم من نفيه ألوهية الأصنام بما يرتبطان بقوله: (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض) ومحصل المعنى على ذلك أنا كنا نريه الملكوت من الأشياء فأبطل ألوهية الأصنام إذ ذاك، ودامت عليه الحال فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال كذا وكذا.
وقوله: (رأى كوكبا) كأن تنكير الكوكب إنما هو لنكتة راجعة إلى مرحلة الاخبار والتحدث فلا غرض في الكلام يتعلق بتعيين هذا الكوكب وأنه أي كوكب كان من السيارات أو الثوابت لان الذي أخذه في الحجاج يجرى في أي كوكب من الكواكب يطلع ويغرب لا أن إبراهيم عليه السلام أشار إلى كوكب ما من الكواكب من غير أن يمتاز بأي مميز مفروض: أما أولا فلان اللفظ لا يساعده فلا يقال لمن أشار إلى كوكب بين كواكب لا تحصى كثره فقال: (هذا ربى: إنه رأى كوكبا قال هذا ربى، وأما ثانيا فلان ظاهر الآيات أنه كان هناك قوم يعبدون الكوكب الذي أشار إليه وقال فيه ما قال، والصابئون ما كانوا يعبدون أي كوكب ولا يحترمون إلا السيارات.
والذي يؤيده الاعتبار أنه كان كوكب الزهرة، وذلك لان الصابئين ما كانوا يحترمون وينسبون حوادث العالم الأرضي إلا إلى سبعة من الاجرام العلوية التي كانوا يسمونها بالسيارات السبع: القمر، وعطارد، والزهرة، والشمس، والمريخ، والمشترى، وزحل وإنما كان أهل الهند هم الذين يحترمون النجوم الثوابت وينسبون الحوادث إليها، ونظيرهم في ذلك بعض أرباب الطلسمات ووثنية العرب وغيرهم.
فالظاهر أن الكوكب كان أحد السبعة والقمر والشمس مذكوران بعد، وعطارد مما لا يرى إلا شاذا لضيق مداره فقد كان أحد الأربعة: الزهرة، والمريخ والمشترى، وزحل، والزهرة من بينها هي الكوكبة الوحيدة التي يمنعها ضيق مدارها ان تبتعد من الشمس أكثر من سبع وأربعين درجة، ولذلك كانت كالتابعة الملازمة للشمس فأحيانا تتقدمها فتطلع قبيل طلوعها وتسمى عند العامة حينئذ نجمة الصباح ثم تغيب بعد
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346