أو غير ذلك ومنشأ ذلك ما ورد في عدة روايات أن اسم أبيه (تارح) بالحاء المهملة أو المعجمة ويؤيده ما ضبطه التاريخ من اسم أبيه، وما وقع في التوراة الموجودة أنه عليه السلام ابن تارخ.
كما اختلفوا أن المراد بالأب هو الوالد أو العم أو الجد الأمي أو الكبير المطاع ومنشأ ذلك أيضا اختلاف الروايات فمنها ما يتضمن أنه كان والده وأن إبراهيم عليه السلام سيشفع له يوم القيامة ولكن لا يشفع بل يمسخه الله ضبعا منتنا فيتبرأ منه إبراهيم، ومنها ما يدل على أنه لم يكن والده، وأن والده كان موحدا غير مشرك، وما يدل على أن آباء النبي صلى الله عليه وآله كانوا جميعا موحدين غير مشركين إلى غير ذلك من الروايات، وقد اختلفت في سائر ما قص من أمر إبراهيم اختلافا عجيبا حتى اشتمل بعضها على نظائر ما ينبسه إليه العهد العتيق مما تنزهه عنه الخلة الإلهية والنبوة والرسالة.
وقد أطالوا هذا النمط من البحث حتى انجر إلى غايات بعيدة تغيب عندها رسوم البحث التفسيري الذي يستنطق الآيات الكريمة عن مقاصدها عن نظر الباحث، وعلى من يريد الاطلاع على ذلك أن يراجع مفصلات التفاسير وكتب التفسير بالمأثور.
والذي يهدى إليه التدبر في الآيات المتعرضة لقصصه عليه السلام انه عليه السلام في أول ما عاشر قومه بدأ بشأن رجل يذكر القرآن أنه كان أباه آزر، وقد أصر عليه ان يرفض الأصنام ويتبعه في دين التوحيد فيهديه حتى طرده أبوه عن نفسه وأمره ان يهجره قال تعالى: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا، إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا - إلى أن قال - قال أ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا) (مريم: 46) فسلم عليه إبراهيم ووعده أن يستغفر له، ولعله كان طمعا منه في إيمانه وتطميعا له في السعادة والهدى قال تعالى: (قال سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بي حفيا، واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربى عسى أن لا أكون بدعاء ربى شقيا) (مريم: 48) والآية الثانية أحسن قرينة على أنه عليه السلام إنما وعده أن يستغفر له في الدنيا لا ان يشفع له يوم القيامة وإن بقى كافرا أو بشرط ان لا يعلم بكفره.