شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ٢٩٢
لا يغادر واحدا، فإن زعم ذلك زاعم فقد تعدى. وأما اختصاص محمد بن علي بالوصية والخلافة دون إخوته، فقد علمتم أن وراثة السيادة والمرتبة ليس من جنس وراثة الأموال، ألا ترى أن المرأة والصبي والمجنون يرثون الأموال ولا يرثون المراتب! وسواء في الأموال، كان الابن حارضا (1) بائرا، أو بارعا جامعا.
وقيل: وراثة المقام سبيل وراثة اللواء، دفع رسول الله صلى الله عليه وآله لواء بنى عبد الدار إلى مصعب بن عمير، ودفع عمر بن الخطاب لواء بنى تميم إلى وكيع بن بشر، ثم دفعه إلى الأحنف حين لم يوجد في بنى زرارة من يستحق وراثة اللواء، فإن كان الامر بالسن فإنما كان بين محمد بن علي وأبيه علي بن عبد الله أربع عشرة سنة، كان علي يخضب بالسواد، ومحمد يخضب بالحمرة، فكان القادم يقدم عليهما، والزائر يأتيهما، فيظن أكثرهم أن محمدا هو على، وأن عليا هو محمد، حتى ربما قيل لعلي: كيف أصبح الشيخ من علته؟ ومتى رجع الشيخ إلى منزله؟ وأخرى أن أمه كانت العالية بنت عبد الله بن العباس، فقد ولده العباس مرتين، وولده جواد بنى العباس كما والده خيرهم وحبرهم، ولم يكن لأحد من إخوته مثل ذلك. وكان بعض ولد محمد أسن من عامة ولد علي، وولد محمد المهدى بن عبد الله المنصور والعباس بن محمد بن علي في عام واحد، وكذلك محمد بن سليمان بن علي، ولم يكن لأحد من ولد علي بن عبد الله بن العباس - وإن كانوا فضلاء نجباء كرماء نبلاء - مثل عقله ولا كجماله، كان إذا دخل المدينة ومكة جلس الناس على أبواب دورهم والنساء على سطوحهن للنظر إليه، والتعجب من كماله وبهائه، وقد قاتل إخوته أعداءه في دفع الملك إلى ولده غير مكرهين ولا مجبرين، على أن محمدا إنما أخذ الامر عن أساس مؤسس، وقاعدة مقررة، ووصية انتقلت إليه من أبى هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، وأخذها أبو هاشم عن أبيه محمد، وأخذها محمد عن علي بن أبي طالب أبيه.

(1) الحارض: الفاسد.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285