أكثر منهم سيدا، فأقر وادعى، فهو في إقراره بالنقص مخصوم، وفي ادعائه الفضل خصيم.
وقال جحش بن رئاب الأسدي حين نزل مكة بعد موت عبد المطلب: والله لأتزوجن ابنة أكرم أهل هذا الوادي، ولأحالفن أعزهم، فتزوج أميمة بنت عبد المطلب، وحالف أبا سفيان بن حرب. وقد يمكن أن يكون أعزهم ليس بأكرمهم، ولا يمكن أن يكون أكرمهم ليس بأكرمهم، وقد أقر أبو جهل على نفسه ورهطه من بني مخزوم حين قال: تحاربنا نحن وهم، حتى إذا صرنا كهاتين، قالوا: منا نبي. فأقر بالتقصير، ثم ادعى المساواة، ألا تراه كيف أقر أنه لم يزل يطلب شأوهم (1) ثم ادعى أنه لحقهم! فهو مخصوم في إقراره، خصيم في دعواه، وقد حكم لهاشم دغفل بن حنظلة النسابة حين سأله معاوية عن بني هاشم: فقال: هم أطعم للطعام، وأضرب للهام (2)، وهاتان خصلتان يجمعان أكثر الشرف.
قال أبو عثمان: والعجب من منافرة حرب بن أمية عبد المطلب بن هاشم، وقد لطم حرب جارا لخلف بن أسعد جد طلحة الطلحات، فجاء جاره فشكا ذلك إليه، فمشى خلف إلى حرب وهو جالس عند الحجر، فلطم وجهه عنوة من غير تحاكم ولا تراض، فما انتطح فيه عنزان (3). ثم قام أبو سفيان بن حرب مقام أبيه بعد موته، فحالفه أبو الأزيهر الدوسي، وكان عظيم الشأن في الأزد، وكانت بينه وبين بني الوليد بن المغيرة محاكمة في مصاهرة كانت بين الوليد وبينه، فجاءه هشام بن الوليد وأبو الأزيهر قاعد في مقعد أبي سفيان بذي المجاز، فضرب عنقه، فلم يدرك به أبو سفيان عقلا ولا قودا في بني المغيرة. وقال حسان بن ثابت يذكر ذلك: