وفي البحر: ويشترط في صحة هبة المشاع الذي لا يحتملها أن يكون قدرا معلوما، حتى لو وهب نصيبه من عبد ولم يعلم به لم يجز، لأنها جهالة توجب المنازعة ا ه.
قال في الهندية: لو وهب نصيبه من عبد ولم يعلم به لم يجز فإن علمه الموهوب له ينبغي أن يجوز عند الامام دونهما، وفيها قبل ذلك جميع ما أملكه لفلان يكون هبة لا تجوز بدون القبض. وفي منية المفتي قال: وهبت نصيبي من هذه الدار والموهوب له لا يعلم كم نصيبه صحت ا ه. ولعل المتفاحش جهالته لا تصح هبته كقوله: وهبتك شيئا من مالي أو من كذا. وفي التتارخانية مثل ما في المنية، فتأمل. قوله: (كبيت وحمام صغيرين) الحد الفاصل بين ما يحتمل القسمة وبين ما لا يحتملها أن ما لا يبقى منتفعا به بعد القسمة أصلا كعبد واحد ودابة واحدة، أو لم ينتفع بها انتفاعا قبل القسمة كالحمام والطاحونة والبيت الصغير فإنها لا تصح، وكل ما يوجب قسمته نقصانا فهو مما لا يقسم وإلا فمما يقسم، واختار الأول أكثر الشراح والثاني صاحب الذخيرة، فإذا وهب درهما صحيحا لرجلين لا يصح لان تنصيف الدرهم لا يوجب نقصانا فهو مما يقسم، والصحيح أنه يصح، لأن الصحيح لا يكسر عادة فهو مما لا يقسم انتهى. وذكره الشارح آخر الباب، فتأمل. قوله: (لأنها لا تتم) لا موقع لهذا التعليل إلا بتقدير: وإنما قيدنا بمشاع لا يقسم، لأنها الخ ط. بل لو قال لأنه لا يتأتى القبض في مثل ذلك إلا بقبض الكل ولا تتم بذلك فيما يقسم الخ لكان حسنا.
وفي العناية: الهبة فيما يقسم جائزة، ولكن غير مثبتة للملك قبل تسليمه مفرزا. قوله: (لا تتم بالقبض فيما يقسم) قال علماؤنا: هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تتم، ولا تفيد الملك قبل القسمة، وبعض أصحابنا قال: إنها فاسدة، والأصح الأول كالهبة قبل القبض ا ه. شلبي عن الاتقاني.
وأشار الشارح أنه إنما شرط أن يكون الموهوب مقسوما أو مشاعا لا يقبل القسمة، لان الهبة لا تتم إلا بالقبض، والقبض إنما يكون في المقسوم، وكذا في المشاع الذي لا يقسم لان قبض كل شئ بحسبه، والمشاع الذي لا يقبل القسمة لا يكون قبضه إلا مشاعا فاكتفى به كذلك وتمت به الهبة، أما المشاع الذي يقبل القسمة فإنه يمكن تسليمه بعد قسمته ويكون قبضه كاملا، فلا يكتفي بتسليمه مشاعا ولا يعد قابضا له مع الشيوع، ولا فرق أن يكون وهبه لشريكه أو لأجنبي خلافا لما في الصيرفية من جوازه من الشريك، وذكر أنه المختار، ووجهه ظاهر لتصور قبض الشريك له مع شيوعه، لان نصيب الشريك في يده فيمكنه قبض الشقص الثاني مشاعا، ولكنه لما كانت عامة الكتب على إطلاق المنع ، وهي موضوعة لنقل المذهب كما قال، فكان هو المذهب فوجب العمل به، سواء ظهر وجهه أو لا لان المقلد عليه اتباع ما قاله إمامه سواء وقف على دليله أو لا، والله تعالى أعلم. قوله: (ولو هبة لشريكه) لو وصلية: أي ولو كانت الهبة لشريك الواهب. قوله: (أو لأجنبي) الأولى إسقاطه لأنه مفهوم من لو، ولا خلاف فيه إنما الخلاف في الشريك كما مر ويأتي. قوله: (لعدم تصور القبض الكامل) أي فيما يتصور فيه. قوله: (كما في عامة الكتب) وصرح به الزيلعي وصاحب البحر. منح. قوله: (فكان هو المذهب) راجع لمسألة الشريك كما في المنح. قوله: (وهو المختار) الظاهر من عباراتهم اعتماد الأول، حتى نسب الثاني شيخ الاسلام إلى ابن أبي ليلى بعدما حكي الاطلاق عن أهل المذهب.