تمكن. وأما المهايأة فلا تجب في ظاهر الرواية، لأنها إعارة فإن كل واحد منهما يصير معيرا نصيبه من صاحبه. والجبر على الإعارة غير مشروع وفي رواية: يجب وهو الذي يفيده كلام الزيلعي، لأنها قسمة المنافع، والتبرع وقع في العين، فيكون إيجابا في غير ما تبرع به فلا يبالي به، وإنما المحظور الايجاب ففي عين ما تبرع به.
وقال قاضي زاده بعد نقل: إن المهايأة لا تجب مع علته عن صاحب غاية البيان، لعل هذا الجواب غير صحيح لان التهايؤ يجب، ويجري ففيه جبر القاضي إذا طلبه أحد الشركاء، لا سيما فيما لا يقسم. نص عليه في عامة الكتب.
وأما دعوى الشائع إذا ادعى رجل ثلاثة أسهم من عشرة أسهم من دار، وقال هذه الثلاثة الأسهم من العشرة الأسهم من الدار المحدودة ملكي وحقي وفي يد هذا الرجل بغير حق، ولم يذكر أن جميع هذه الدار في يده وكذلك لم يشهد شهوده أن جميع هذه الدار في يده فإن الدعوى صحيحة والشهادة مقبولة. وأما استحقاق الشائع إذا استحق نصف الدار شائعا أو ثلثها أو ربعها فالمشتري بالخيار عندنا: إن شار رد ما بقي ورجع بكل ثمنه، وإن شاء أمسك ما بقي ورجع بثمنه على بائعه انتهى بزيادة. قوله: (لا يبقى منتفعا به بعد أن يقسم) أي ليس من شأنه أن يقسم بمعنى أنه لا يبقى منتفعا به بعد القسمة أصلا كعبد واحد ودابة واحدة أو لا يبقى منتفعا به بعد القسمة من جنس الانتفاع الذي كان قبل القسمة كالبيت الصغير والحمام الصغير انتهى. درر: أي فإن البيت الصغير إذا قسم ربما ينتفع به مخزنا أو مربطا للحمار، ولكنه لا ينتفع به للبينونة كالانتفاع السابق، فهو مما لا يقسم، فيصح هبة بعضه مشاعا، وكذا الحمام الصغير إذا قسم يمكن أن يجعل بيتا أو مربطا للدواب، ولكن لا يمكن أن يبقى حماما كما كان فهو مما لا يقسم، بخلاف الحمام الكبير الذي يمكن أن يقسم، ويجعل له موقد ثان أو أكثر، فإن هبة بعضه مشاعا لا تصح. واحتياجه إلى موقد ثان لا يخرجه عن كونه قابلا للقسمة، حيث أمكن أن يتخذ له موقدا كالمقسم الذي يحتاج إلى طريق أو مسيل، ويمكن فيه ذلك فإنه قابل للقسمة، فكذا هذا. وفي أول كتاب القسمة من البزازية: لا يقسم حمام وحائط وبيت ودكان صغير، لأنه لو قسم لا يبقى لكل فائدة، وانتفاع فيما يخصه وإن بقي فائدة يقسم بينهما ا ه.
قال في الحامدية: لا يقسم الحمام والحائط والبيت الصغير والدكانة الصغيرة، وهذا إذا كان بحال لو قسم لا يبقى لكل واحد بعد القسمة موضع يعمل فيه، وإن كان فيقسم. خزانة الفتاوى ومثله في الخلاصة والبزازية انتهى.
أقول: وعليه فينبغي أن يقيد الحمام بالصغير خلافا لما فهمه الحلبي من أن الحمام لا يقسم مطلقا، وفسر سيدي الوالد رحمه الله تعالى الحمام الكبير بما إذا كان له خزانتان والرحى بما إذا كانت ذات حجرين، فتأمل. وإنما صح فيه الهبة لان القبض لا يتصور فيه إلا بالقبض الناقص وهو قبض الكل فاكتفى به.
قال في البحر: هبة المشاع فيما لا يقسم تفيد الملك للموهوب له على وجه لا يستحق المطالبة بالقسمة، لأنها لا تمكن وأما المهايأة فلا تجب في ظاهر الرواية، وفي رواية تجب انتهى. وقدمنا قريبا أن التهايؤ يجب، ويجري فيه جبر القاضي إذا طلبه أحد الشركاء لا سيما فيما لا يقسم نص عليه في عامة الكتب، فلا تنسه.