فالصحيح أنه يجوز، وهبة المشاع الفاسدة لا تفيد الملك، ولو قبض الجملة فروى عن ح: ولو وهب دقيقا في بر أو دهنا في سمسم، أو سمنا في لبن لم يجز، إذ الموهوب معدوم، ولذا لو استخرجه الغاصب يملكه، ولو طحن وسلم لم يجز، بخلاف المشاع. والفرق أن المشاع محل للتمليك، والخلل في القبض، ويزول بالقسمة. وبخلاف ما إذا وهب لبنا في ضرع أو صوفا على ظهر غنم، أو نخلا أو زرعا في أرض أو ثمرا في شجر أو أرضا فيها نخل أو زرع دونهما أو دارا أو ظرفا فيها متاع الواهب لزوال الخلل بالتفريغ، والفرق بين لبن في ضرع وبين هبة ولد في بطن. فإنها لم تجز بتسليمه بعد الولادة في الصحيح، إذ لا يمكن الوقوف على الولد إذ ليس في وسعه، فيكون كتعليقه بالخطر ويمكن الوقوف على اللبن بالحلب، لأنه في وسعه، فكان كتأخير هذه الجملة.
في هد: والتصدق بالشائع كهبته في كل ما مر، إلا أنه لو وهب من اثنين ما يقبل القسمة، لم يجز عند أبي حنيفة رواية واحدة من غير اختلاف على قوله. وفي الصدقة اختلف المشايخ على قوله:
فقيل لا يجوز، وقيل فيه روايتان: لا يجوز على رواية الأصل، ويجوز على رواية الجامع الصغير، وهو الصحيح. كذا حش.
وفي هد: لو تصدق بعشرة دراهم على محتاجين يجوز، وكذا لو وهبها لهما. ولو تصدق بها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز، وقالا: يجوز لغنيين أيضا فرق بين الهدية والصدقة في الحكم، وسوى في الأصل وقال: إذ الشيوع مانع فيهما لتوقفهما على القبض. والفرق أن الصدقة يراد بها وجه الله تعالى، وهو واحد فلا شيوع، ويراد بالهبة وجه الغني وهما اثنان. وقيل: هذا هو الصحيح، والمراد بما ذكر في الأصل: التصدق على غنيين فقط، والأظهر أن في المسألة روايتين.
بخ: قيل جاز التصدق على غنيين، لأنهما محل صدقة التطوع.
مق: لا تجوز وعند س: تجوز بشرط المساواة، وعند م: تجوز في الحالين. جامع الفصولين.
وتمام تفاصيل المشاع، وما يتعلق به فيه في الفصل الحادي والثلاثين فراجعه إن شئت وقد مر بعض ما ذكرناه ويأتي بعضه.
قال في البحر: وأما إجارته فإن كان من شريكه فهو جائز، وإن من أجنبي لا يجوز مطلقا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى: وهي فاسدة على قوله فيجب أجر المثل على الأصح خلافا لمن قال ببطلانها فلم يوجب شيئا، وأما الشيوع الطارئ ففي ظاهر الرواية لا يفسد الإجارة، وأما إعارته فجائزة إن كانت من شريكه، وإلا فإن سلم الكل فهي إعارة مستأنفة للكل، وإلا لا يجبر. وأما رهنه فهو فاسد فيما ينقسم أولا من شريكه أو من أجنبي، بخلاف الرهن من اثنين فإنه جائز. وأما وقفه فهو جائز عند أبي يوسف خلافا لمحمد فيما يحتملها، وإن كان مما لا يحتملها فجائز اتفاقا، وأفتى الكثير بقول محمد، واختار مشايخ بلخ قول أبي يوسف، وأما وديعته فجائزة وتكون مع الشريك. وأما قرضه فجائز كما إذا دفع إليه ألفا وقال خمسمائة قرض وخمسمائة شركة. كذا في النهاية هنا. وأما غصبه فمتصور. قال البزازي: وعليه الفتوى، وذكر له في الفصول صورا.
وأما صدقته: فكهبته، إلا إذا تصدق بالكل على اثنين فإنه يجوز على الأصح، وإذا عرف هذا فهبة المشاع فيما لا ينقسم تفيد الملك للموهوب له على وجه لا يستحق المطالبة بالقسمة، لأنها لا