لان فيه إبطال السهام المقدرة كما نص على ذلك الامام السرخسي في شرح السير الكبير. وأما ثانيا: فلان تنفيل سلطان زمانه لا يبقى إلى زماننا. وأما ثالثا فلانه نفى الشبهة بإعطاء الخمس. ومن المعلوم في زماننا أن كل من وصلت يده من العسكر إلى شئ يأخذه ولا يعطي خمسه، فينبغي أن يكون العقد واجبا إذا علم أنها مأخوذة من الغنيمة، ولذا قال بعض الشافعية: إن وطئ السراري اللاتي يجلبن اليوم من الروم والهند والترك حرام، وأما قوله في الأشباه بعد نقله ذلك عن في قاعدة الأصل في الابضاع التحريم أن هذا ورع لا حكم لازم، فإن الجارية المجهولة الحال المرجع فيها إلى صاحب اليد إن كانت صغيرة، وإلى إقرارها إن كانت كبيرة، وإن علم حالها فلا إشكال ا ه.
فهذا إنما هو في غير ما علم أنها أخذت من الغنيمة، أما ما علم فيها ذلك ففيها ما ذكرناه، لكن قد يقال: إنه يحتمل أن يكون باعها الامام أو أحد من العسكر وأجاز الامام بيعه، أما بدون ذلك فقد نص في شرح السير الكبير على أن بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه، لكن العقد عليها لا يرفع الشبهة لأنها إذا كانت غنيمة تكون مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس فلا يصح تزويجها نفسها، بل الرافع للشبهة شراؤها من وكيل بيت المال أو التصدق بها على فقير ثم شراؤها منه.
وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام تحرير هذه المسألة في الجهاد. قوله: (وفيه الخ) هذا مأخوذ من الشرنبلالية. وقوله ونحوه أي كعدم القسم لها وعدم إيقاع الطلاق عليها، وعدم ثبوت نسب ولدها بلا دعوى لكن لا يخفى أن الاحتياط في العقد عليها إنما هو عند احتمال عدم صحة الملك احتمالا قويا ليقع الوطئ حلالا بلا شبهة، ولا يلزم من العقد عليها لذلك أن لا يعدها على نفسه خامسة ونحوه، بل نقول: ينبغي له الاحتياط في ذلك أيضا. قوله: (وحرم نكاح الوثنية) نسبة إلى عبادة الوثن، هو ما له جثة: أي صورة إنسان من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر تنحت، والجمع أوثان، والصنم صورة بلا جثة، هكذا فرق بينهما كثير من أهل اللغة. وقيل لا فرق، وقيل يطلق الوثن على غير الصورة، كذا في البناية. نهر. وفي الفتح: ويدخل في عبدة الأوثان عبدة الشمس والنجوم والصور التي استحسنوها والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية. وفي شرح الوجيز: وكل مذهب يكفر به معتقده ا ه.
قلت: وشمل ذلك الدروز والنصيرية والتيامنة، فلا تحل مناكحتهم، ولا تؤكل ذبيحتهم لأنهم ليس لهم كتاب سماوي. وأفاد بحرمة النكاح حرمة الوطئ بملك اليمين كما يأتي، والمراد الحرمة على المسلم لما في الخانية: وتحل المجوسية والوثنية لكل كافر إلا المرتد. قوله: (كتابية) أطلقه فشمل الحربية والذمية والحرة والأمة. ح عن البحر. قوله: (وإن كره تنزيها) أي سواء كانت ذمية أو حربية فإن صاحب لبحر استظهر أن الكراهة في الكتابية الحربية تنزيهية، فالذمية أولى ا ه ح.
قلت: علل ذلك في البحر بأن التحريمية لا بد لها من نهي أو ما في معناه، لأنها في رتبة الواجب ا ه. وفيه أن إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أنها تحريمية، والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك، ففي الفتح: ويجوز تزوج الكتابيات، والأولى أن لا يفعل، ولا يأكل ذبيحتهم إلا لضرورة، وتكره الكتابية الحربية إجماعا لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر وعلى الرق بأن تسبى وهي حبلى