قلت: وأصرح من ذلك قول الهداية: لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء اه. ومثله في مختارات النوازل. قوله: (بل سيدها) أي بل يستبرئها سيدها وجوبا في الصحيح، وإليه مال السرخسي، وهذا إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها، فلو أراد يعها يستحب، والفرق أنه في البيع يجب على المشتري فيحصل المقصود فلا معنى لإيجابه على البائع. وفي المنتقى عن أبي حنيفة: أكره أن يبيع من كان يطؤها حتى يستبرئها. ذخيرة. قوله: (وله وطؤها بلا استبراء) أي عندهما. وقال محمد: لا أحب له أن يطأها ما لم يستبرئها. هداية والظاهر أن الترجيح المار يأتي هنا أيضا، ولذا جزم في النهر هنا بالندب، إلا أن يفرق بأن ماء الزنى لا اعتبار له. بقي لو ظهر بها حمل يكون من الزوج لان الفراش له، فلا يقال: إنه يكون ساقيا زرع غيره، لكن هذا ما لم تلده لأقل من ستة أشهر من وقت العقد، فلو ولدته لأقل لم يصح العقد كما صرحوا به: أي لاحتمال علوقه من غير الزنى بأن يكون بشبهة فلا يرد صحة تزوج الحبلى من زنى. تأمل. قوله:
(فمنسوخ بآية فانكحوا الخ) قال في البحر: بدليل الحديث إن رجلا أتى النبي (ص) فقال: يا رسول الله إن امرأتي لا تدفع يد لامس، فقال عليه الصلاة والسلام: طلقها، فقال: إني أحبها وهي جميلة، فقال عليه الصلاة والسلام: استمتع بها. قوله: (تطليق الفاجرة) الفجور:
العصيان كما في المغرب. قوله: (ولا عليها) أي بأن تسئ عشرته أو تبذل له مالا ليخالعها. قوله:
(إلا إذا خافا) استثناء منقطع، لان التفريق حينئذ مندوب بقرينة قوله: فلا بأس لكن سيأتي أول الطلاق أنه يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة، ويجب لو فات الامساك بالمعروف، فالظاهر أنه استعمل لا بأس هنا للوجوب اقتداء بقوله تعالى: * (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما أفتدت به) * (سورة البقرة: الآية 922) فإن نفي البأس في معنى نفي الجناح، فافهم. قوله: (فما في الوهبانية الخ) تفريع على قوله: وله وطؤها بلا استبراء.
قال المصنف في المنح: فإن قلت: يشكل على ما تقدم ما في شرح لنظم الوهباني من أنه لو زنت زوجته لا يقربها حتى تحيض لاحتمال علوقها من الزنى فلا يسقي ماؤه زرع غيره، وصرح الناظم بحرمة وطئها حتى تحيض وتطهر، وهو يمنع من حمله على قول محمد فإنه إنما يقول بالاستحباب.
قلت: ما ذكره في شرح النظم ذكره في النتف وهو ضعيف. قال في البحر: لو تزوج بامرأة الغير عالما بذلك ودخل بها لا تجب العدة عليها حتى لا يحرم على الزوج وطؤها، وبه يفتى، لأنه زنى والمزني بها لا تحرم على زوجها، نعم لو وطئها بشبهة وجب عليها العدة وحرم على الزوج وطؤها، ويمكن حمل ما في النتف على هذا ا ه. قوله: (والمضمومة إلى محرمة) بالتشديد كأن تزوج امرأتين في عقد واحد: إحداهما محل، والأخرى غير محل لكونها محرما أو ذات زوج أو مشركة، لان المبطل في إحداهما فيتقدر بقدره، بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة حيث يبطل