وأجاب الخير الرملي بأن الثوب محمول على العدة والتبرع كما جرت به العادة غير داخل في التسمية، إذ لو دخل لأوجب فسادها لفحش الجهالة. وقال في فتاواه الخيرية إنه زاغ فهم صاحب البحر وأخيه في جعل الثوب لغوا ولا حول ولا قوة إلا بالله ا ه. قلت: حمله على العدة والتبرع هو بمعنى إلغائه في التسمية.
ووجه إشكال هذا الفرع أن الثوب إن لم يدخل في التسمية لزم أن يجب لها نصف المسمى بالطلاق قبل الدخول بلا نظر إلى المتعة لصحة تسمية العشرة، وإن دخل فيها ينبغي أن يعطى حكم ما لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية، فقد صرح في النهر بأنه في المبسوط بعد أن ذكر عبارة محمد: لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية فلها مهر مثلها لا ينقص عن الألف. قال: هذه المسألة على وجهين: إن أكرمها وأهدى لها هدية فلها المسمى، وإلا فمهر المثل ا ه.
قلت: فهو مثل ما لو تزوجها بألف على أن لا يخرجها، أو لا يتزوج عليها كما قدمناه، وبه صرح في الهداية وغاية البيان.
وفي البدائع: لو شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن تزوجها على ألف درهم وأن يهدي لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى، لأنه إذا لم يف بالكرامة والهدية يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول ا ه. لكن قال في الاختيار: ولو تزوجها على ألف وكرامتها فلها مهر المثل لا ينقص عن ألف، لأنه رضي بها، وإن طلقها قبل الدخول لها نصف الألف لان أكثر من المتعة ا ه. ونقل نحوه في البحر عن الولوالجية والمحيط. واعتراض به على ما مر من إيجاب المسمى بأن الهدية والاكرام مجهولتان، ولا يمكن الوفاء بالمجهول بل تفسد التسمية فيجب مهر المثل. وقد أجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله: أنه يمكن حمل ما في الاختيار على ما إذا لم يكرمها، أما إذا أكرمها فلها المسمى، وهذا عين ما حمل عليه في المبسوط كلام محمد، ومشى عليه في الهداية وغاية البيان والبدائع كما مر، وجهالة الهداية والاكرام ترتفع بعد وجودها والظاهر كما في النهر أنه يكفي هنا أدنى ما يعد إكراما وهدية ا ه. فإذا لم يكرمها بشئ بقيت التسمية مجهولة لعدم رضا المرأة بالألف وحده فيجب مهر المثل، وكذا إذا طلقها قبل الدخول تقرر الفساد فوجبت المتعة كما هو الحكم عند عدم التسمية أو عند فسادها، وإنما أطلق في البدائع لزوم نصف الألف لأنه في العادة أكثر من المتعة كما علمته من كلام الاختيار، وهو نظير ما مر في مسألة الأوكس، فقد حصل بما ذكرنا التوفيق بين كلامهم، ويتعين حمل ما في الخانية عليه أيضا، وذلك بأن يقيد بما إذا كان مهر مثلها عشرة دراهم ولم يدفع لها ثوبا فحينئذ تجب لها العشرة لأنها مهر المثل وهو الواجب عند فساد التسمية وتجب المتعة بالطلاق قبل الدخول. وأما دعوى الرملي إلغاء ذكر الثوب لجهالته فلا تصح، لان جهالة الاكرام والهداية أفحش من جهالة الثوب، لان الاكرام تحته أجناس الثياب والحيوان والعروض والعقار والنقود والمكيل والموزون ومع هذا لم يلغوه، فعدم إلغاء الثوب بالأولى.
وأيضا يشكل على إلغائه اعتبار المتعة، وعلى ما قررناه لا إشكال، والله أعلم بحقيقة الحال.