وأفاد الرحمتي أنه بائن أيضا لأنه طلاق قبل الدخول غير موجب للعدة، لأن العدة إنما وجبت لجعلنا الخلوة كالوطئ احتياطا، فإن الظاهر وجود الوطئ في الخلوة الصحيحة، ولان الرجعة حق الزوج وإقراره بأنه طلق قبل الوطئ ينفذ عليه فيقع بائنا، وإذا كان الأول لا تعقبه الرجعة يلزم كون الثاني مثله ا ه. ويشير إلى هذا قول الشارح طلاق بائن آخر فإنه يفيد أن الأول بائن أيضا، ويدل عليه ما يأتي قريبا من أنه لا رجعة بعده، وسيأتي التصريح به في باب الرجعة، وقد علمت مما قررناه أن المذكور في الذخيرة هو الطلاق الثاني دون الأول، فافهم. ثم ظاهر إطلاقهم وقوع البائن أولا وثانيا كان بصريح الطلاق، وطلاق الموطوءة ليس كذلك فيخالف الخلوة الوطئ في ذلك.
وأجاب ح: بأن المراد التشبيه من بعض الوجوه وهو أن في كل منهما وقوع طلاق بعد آخر ا ه. وأما الجواب بأن البائن قد يلحق البائن في الموطوءة فلا يدفع لمخالفة المذكورة، فافهم.
قوله: (كالغسل) أي لا يجب الغسل على واحد منهما بمجرد الخلوة، بخلاف الوطئ. قوله:
(والاحصان) فلو زنى بعد الخلوة الصحيحة لا يلزمه الرجم لفقد شرط الاحصان وهو الوطئ. قال في عقد الفرائد وهذا إن لم يفهم أنه خاص بالرجل فهو ساكت عن ثبوت الاحصان لها بذلك.
والذي يظهر لي أنه لا فرق بينه وبينها فيه، ولم أقف على نقل فيه صريح، والله أعلم.
قلت في البحر: ولم يقيموها مقام الوطئ في حق الاحصان إن تصادقا على عدم الدخول ، وإن أقرا به لزمهما حكمه، وإن أقر به أحدهما صدق في حق نفسه دون صاحبه كما في المبسوط ا ه.
قوله: (وحرمة البنات) أي لم يقيموا الخلوة مقام الوطئ في ذلك، فلو خلا بزوجته بدون وطئ ولا مس بشهوة لم تحرم عليه بناتها، بخلاف الوطئ والكلام في الخلوة الصحيحة كما صرح به في التبيين والفتح وغيرهما، فما حرره في عقد الفرائد مما حاصله أن حرمة البنات بالخلوة الصحيحة لا خلاف فيها بين الصاحبين، والخلاف في الفاسدة. قال الثاني: تحرم، وقال محمد: لا تحرم، فهو ضعيف، وما ادعاه من عدم الخلاف ممنوع كما بسطه في النهر. قوله: (وحلها للأول) أي لا تحل مطلقة الثلاث للزوج الأول بمجرد خلوة الثاني بل لا بد من وطئه لحديث العسيلة قوله: (والرجعة) أي لا يصير مراجعا بالخلوة ولا رجعة له بعد الطلاق الصريح بعد الخلوة. بحر: أي لوقوع الطلاق بائنا كما قدمناه. قوله: (والميراث) أي لو طلقها ومات وهي في عدة الخلوة لا ترث بزازية. ومثله في البحر عن المجتبى.
وحكى ابن الشحنة في عقد الفرائد قولا آخر: إنها ترث وإن تصادقا على عدم الدخول بعد الخلوة. قال الرحمتي: وعلى هذا: أي ما في الشرح لو طلقها في مرضه بعد الخلوة الصحيحة قبل الوطئ ومات في عدتها لا ترث، وبه جزم الطواقي فيما كتبه على هذا الشرح، وأقره عليه تلميذه حامد أفندي العمادي مفتى دمشق ا ه. قوله: (وتزويجها كالابكار) كان عليه أن يقول: كالثيبات، ليوافق ما قبله من المعطوفات، فإنها من خواص الوطئ دون الخلوة فالمعنى أنها ليست كالوطئ في تزويجها كالثيبات بل تزوج كالابكار. أفاده ط. قوله: (على المختار) وما في المجتبى من أنها تزوج كما تزوج الثيب ضعيف كما في البحر. قوله: (وغير ذلك) أي غير السبعة المذكورة من زيادة أربعة أخرى في النظم المذكور، وهي: سقوط الوطئ، والفئ، والتكفير، وعدم فساد العبادة.