مطلب: مسألة دراهم النقش والحمام ولفافة الكتاب ونحوها ونظير ما في الخانية ما هو معروف بين الناس في زماننا من أن البكر لها أشياء زائدة على المهر. منها: ما يدفع قبل الدخول كدراهم للنقش والحمام وثوب يسمى لفافة الكتاب وأثواب أخر يرسلها الزوج ليدفعها أهل الزوج إلى القابلة وبلانة الحمام ونحوها. ومنها: ما يدفع بعد الدخول كالإزار والخف والمكعب وأثواب الحمام، وهذه مألوفة معروفة بمنزلة المشروط عرفا، حتى لو أراد الزوج أن يدفع ذلك يشترط نفيه وقت العقد أو يسمى في مقابلته دراهم معلومة يضمها إلى المهر المسمى في العقد. وقد سئل عنها في الخيرية فأجاب بما حاصله أن المقرر في الكتب من أن المعروف كالمشروط يوجب إلحاق ما ذكر بالمشروط، فإن علم قدره لزم كالمهر، وإلا وجب مهر المثل لفساد التسمية إن ذكر أنه من المهر، وإن ذكر على سبيل العدة فهو غير لازم بالكلية، والذي يظهر الأخير، وما في الخانية صريح فيه، ثم ذكر عبارة الخانية المارة وما تقدم من اعتراضه على البحر.
وأنت خبير بأن هذه المذكورات تعتبر في العرف على وجه اللزوم على أنها من جملة المهر، غير أن المهر منه ما يصرح بكونه مهرا، ومنه ما يسكت عنه بناء على أنه معروف لا بد من تسليمه، بدليل أنه عند عدم إرادة تسليمه لا بد من اشتراط نفيه أو تسمية ما يقابله كما مر، فهو بمنزلة المشروط لفظا فلا يصح جعله عدة وتبرعا، وكون كلام الخانية صريحا قد علمت ما يناقضه وينافيه. وقد رأيت في الملتقط التصريح بلزومه كما قلنا حيث ذكر في مسألة منع المرأة نفسها حتى تقبض المهر فقال ثم إن شرط لها شيئا معلوما من المهر معجلا فأوفاها ذلك ليس لها أن تمنع نفسها، وكذلك المشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر على ما هو عادة أهل سمرقند، وإن شرطوا أن لا يدفع شئ من ذلك لا يجب، وإن سكتوا لا يجب، إلا من صدق العرف من غير تردد في الاعطاء لمثلها من مثله، والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط ا ه. ثم رأيت المصنف أفتى به في فتاويه . وحاصله أن ذلك إن صرح باشتراطه لزم تسليمه، وكذا إن سكت عنه وكان العرف به مشهورا معلوما عند الزوج. ولا يخفى أن هذا لو كان تبرعا وعدة لم يكن لها منع نفسها لقبضه ولا المطالبة به، وكذا لو كان لازما مفسدا للتسمية، بل ينبغي أن يقال: إنه بمنزلة اشتراط الهدية والاكرام ترتفع الجهالة بدفعه فيجب المسمى دون مهر المثل.
أو يقال وهو الأقرب: إن ذلك من قبيل معلوم النوع مجهول الوصف كالفرس والعبد، فإن التفاوت في ذلك يسير في العرف، فمثل اللفافة يعرف نوعها أنها من القصب والحرير أو من القطن والحرير باعتبار الفقر والغنى وقلة المهر وكثرته، وكذا باقي المذكورات، فيعتبر الوسط من كل نوع منها، فهذا ما تحرر لي في هذا المقام الذي كثرت فيه الأوهام وزلت الاقدام، فاحفظه فإنه مهم والسلام. قوله: (ووسط العبيد في زماننا الحبشي) وأما أعلاه فالرومي وأدناه الزنجي، كذا في البحر والمنح. ذكروا أن ذلك عرف القاهرة. وذكر السيد أبو السعود أن الحبشي في عرفنا لا يجب إلا