قلت: الاحساس إنما يمكن إذا كان معهما أحد على السطح، أما لو كانا فوقه وحدهما وأمنا من صعود أحد إليهما لم يبق الاحساس إلا بالبصر والظلمة الشديدة تمنعه كما لا يخفي. تأمل.
قوله: (وبيت بابه مفتوح) أي بحيث لو نظر إنسان رآهما، وفيه خلاف.
ففي مجموع النوازل: إن كان لا يدخل عليهما أحد إلا بإذن فهي خلوة. واختار في الذخيرة أنه مانع وهو الظاهر. بحر. ووجهه أن إمكان النظر مانع بلا توقف على الدخول، فلا فائدة في الاذن وعدمه. قوله: (وما إذا لم يعرفها) لان التمكن لا يحصل بدون المعرفة، بخلاف ما إذا لم تعرفه.
والفرق أنه متمكن من وطئها إذا عرفها ولم تعرفه، بخلاف عكسه فإنه يحرم عليه، كذا في البحر.
وفيه أنه إذا لم تعرفه يحرم عليها تمكينه منها، فالظاهر أنها تمنعه من وطئها بناء على ذلك، فينبغي أن يكون مانعا، فتأمل ح.
قلت: إن هذا المانع بيده إزالته، بأن يخبرها أنه زوجها فلما جاء التقصير من جهته يحكم بصحة الخلوة فيلزم المهر ط. قوله: (في الأصح) أي أصح الروايتين، لكن صرح شراح الهداية بأن رواية المنع في التطوع شاذة، ويشير إليه قول الخانية: وفي صوم القضاء والكفارات والمنذورات روايتان. والأصح أنه لا يمنع الخلوة، وصوم التطوع لا يمنعها في ظاهر الرواية، وقيل يمنع ا ه.
وقول الكنز: وصوم الفرض يدخل فيه القضاء والكفارات المنذورات فيكون اختيارا منه لرواية المنع في غير التطوع، لان الافطار فيه بغير عذر جائز فرواية، ويؤيد ما في الكنز تعبير الخانية بالأصح، فإنه يفيد أن مقابله صحيح، وكذا قول الهداية: وصوم القضاء والمنذور كالتطوع في رواية فإنه يفيد أن رواية كونهما كصوم رمضان أقوى، وبهذا يتأيد ما بحثه في البحر بقوله: وينبغي أن يكون صوم الفرض ولو منذورا مانعا اتفاقا، لأنه يحرم إفساده، وإن كان لا كفارة فيه فهو مانع شرعي ا ه.
قوله: (إن تصح) أي الخلوة، لسقوط الكفارة بشبهة، خلاف الامام مالك رحمه الله فإنه يرى فطره بأكله ناسيا ولا كفارة ط. قوله: (وكذا كل ما أسقط الكفارة) كشرب وجماع ناسيا ونية نهارا ونية نفلا ط.
قوله: (وصلاة الفرض فقط) قال في البحر: لا شك أن إفساد الصلاة لغير عذر حرام فرضا كانت أو نفلا، فينبغي أن تمنع مطلقا، مع أنهم قالوا: إن الصلاة الواجبة لا تمنع كالنفل مع أنه يأثم بتركها.
وأغرب منه ما في المحيط أن صلاة التطوع لا تمنع إلا الأربع قبل الظهر لأنها سنة مؤكدة، فلا يجوز تركها بمثل هذا العذر ا ه. فإنه يقتضي عدم الفرق بين السنن المؤكدة وأن الواجبة تمنع بالأولى اه.
قلت: والحاصل أنهم لم يفرقوا في إحرام الحج بين فرضه ونفله، لاشتراكهما في لزوم القضاء والدم. وفرقوا بينهما في الصوم والصلاة. أما الصوم فظاهر للزوم القضاء والكفارة في فرضه، بخلاف نفله وما ألحق به، لان الضرر فيه بالفطر يسير، لأنه لا يلزم إلا القضاء لا غير كما في الجوهرة. وأما في الصلاة فالفرق بينهما مشكل، إذ ليس في فرضها ضرر زائد على الاثم ولزوم