تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٨٢
والذوق واللحية أن لم تنبت وشعر الرأس والعينين والأذنين والحاجبين وثدي المرأة الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف الدية وفي أجفان العينين الدية وفي
____________________
واحدة في حالة واحدة يجب عليه ديتان دية بإزاء الذكر ودية بإزاء الأنثيين، وإن قطع الذكر أولا ثم الأنثيين يجب ديتان أيضا لأن بقطع الذكر تفوت منفعة الأنثيين وهي إمساك المني، فأما إذا قطع الأنثيين أولا ثم الذكر تجب الدية بقطع الأنثيين ويجب بقطع الذكر حكومة العدل، وفي الأنثيين إذا قطعهما خطأ كمال الدية. وفي الظهيرية: وفي أحدهما نصف الدية وقد قدمناه. وفي المنتقي عن محمد: إذا قطع إحدى أنثييه فانقطع ماؤه دية ونصف ولا يعلم ذهاب الماء إلا بإقرار الجاني فإن قطع الباقي من إحدى الأنثيين يجب نصف الدية، ولم يذكر في الكتاب أنه إذا قطع الأنثيين عمدا هل يجب القصاص، والظاهر أنه يجب فيهما القصاص حال العمد، إن قطع الحشفة كلها عمدا ففيها القصاص، وإن قطع بعضها فلا قصاص فيه، ولو قطع الذكر كله ذكر في الأصل أنه ينقبض وينبسط فلا يمكن استيفاء القصاص فيه وصار كاللسان، وعن أبو يوسف أنه يجب القصاص. قال رحمه الله: (وفي العقل والسمع والبصر والشم والذوق) يعني تجب في كل واحد منهما دية كاملة. أما العقل فلان بذهابه تذهب منافع الأعضاء كلها لأن أفعال المجنون تجري مجرى أفعال البهائم، وأما السمع فلانه بفواته يفوت جنس المنفعة على الكمال وهو منفعة الاستماع، وأما الشم فلان بفواته يفوت إدراك الروائح الطيبة والتفرقة بين الرائحة الطيبة والخبيثة، وأما الذوق فلان بفواته يفوت إدراك الحلاوة والمرارة والحموضة وقد روي عن عمر رضي الله عنه قضى لرجل على رجل بأربع ديات بضربة واحدة وقعت على رأسه ذهب بها عقله وسمعه وبصره وكلامه.
وقال أبو يوسف: لا يعرف الذهاب والقول قول الجاني لأنه المنكر ولا يلزمه شئ إلا إذا صدقه أو نكل عن اليمين. وقيل: ذهاب البصر تعرفه الأطباء فيكون فيه قول رجلين عدلين منهم حجة فيه. وقيل يستقبل به الشمس مفتوح العينين فإذا دمعت عينه علم أنها باقية وإلا فلا. وقيل: يلقي بين يديه حية فإن هرب منها علم أنها لم تذهب، وإن لم يهرب فهي ذاهبة، وطريق معرفة ذهاب السمع أن يغافل ثم ينادي، فإن أجاب علم أنه لم يذهب وإلا فهو ذاهب، وروي إسماعيل بن حماد أن امرأة ادعت أنها لا تسمع وتطارشت في مجلس حكمه فاشتغل بالقضاء عن النظر إليها ثم قال لها فجأة: غطي عورتك. فاضطربت وتسارعت إلى جمع ثيابها فظهر كذبها.
قال رحمه الله: (واللحية إن لم تنبت وشعر الرأس والعينين والأذنين والحاجبين وثدي المرأة الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف الدية وفي أجفان العينين الدية وفي أحدهما ربع الدية) يعني إذا حلق اللحية أو شعر الرأس ولم ينبت في كل واحد منهما دية كاملة لأنه أزال جمالا على الكمال. وقال مالك الشافعي: لا تجب فيها الدية وتجب فيها حكومة عدل
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 78 79 82 84 85 89 90 91 ... » »»
الفهرست