تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٧٩
فصل في النفس والمارن وفي اللسان والذكر والحشفة وفي العقل والسمع والبصر والشم
____________________
بخلافه، ولو كان سنة النبي صلى الله عليه وسلم لما خالفوه. وقوله سنة محمول على أنه سنة زيد لأنه لم يرو إلا عنه موقوفا، ولأنه هذا يؤدي إلى المحال وهو أما إذا كان ألمها أشد ومصابها أكبر أن يقل أرشها بيانه أنه لو قطع أصبع منها يجب عشر من الإبل، وإذا قطع إصبعان يجب عشرون، وإذا قطع ثلاثة يجب ثلاثون لأنها تساوي الرجل فيه على زعمه لكونه ما دون الثلث، ولو قطع أربعة يجب عشرون للتنصيف فيما هو أكثر من الثلث فقطع الرابعة لا يوجب شيئا بل يسقط ما وجب بقطع الثالث، وحكمة الشارع تنافي ذلك فلا تجوز نسبته إليه لأن من المحال أن تكون الجناية لا توجب شيئا شرعا وأقبح منه أن تسقط ما وجب لغيرها وهذا مما تحيله العقلاء بالبديهة، ولان الشافعي يعتبر الأطراف بالأنفس وتركه هنا حيث نصف دية النفس ولم ينصف دية الأطراف إلا إذا زاد على الثلث. قال رحمه الله:
(ودية المسلم والذمي سواء) لما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في مستأمن قتله عمرو بن أمية الضمري بمائة من الإبل وقال عليه الصلاة والسلام: ودية كل ذي عهد في عهده ألف دينار. وعن الزهري أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يجعلان دية الذمي مثل دية المسلم. وقال علي رضي الله عنه: إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا وفي ظاهر قوله تعالى * (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله) * (النساء: 92) دلالة عليه لأن المراد منه ظاهر ما هو المراد من قوله تعالى في قتل المؤمن ودية مسلمة إلى أهله لأنهم معصومون متقومون لاحرازهم أنفسهم بالدار فوجب أن يكونوا ملحقين بالمسلمين إذ يجب بقتلهم ما يجب بقتلهم أن لو كانوا مسلمين ألا ترى أن أموالهم لما كانت معصومة متقومة يجب بإتلافها ما يجب بإتلاف مال المسلم، فإذا كان هذا في أموالهم فما ظنك في أنفسهم؟ ولا يقال إن نقص الكفر فوق نقص الأنوثة والرق فوجب أن تنقص ديته به كما تنتقص بالأنوثة والرق ولان الرق أثر الكفر فإذا انتقص بأثره فأولى أن ينتقص به لأنا نقول نقصان دية المرأة والعبد لا باعتبار نقصان الأنوثة والرق بل باعتبار نقصان صفة المالكية فإن المرأة لا تملك النكاح والعبد لا يملك المال والحر الذكر يملكهما، ولهذا زادت قيمته ونقصت قيمتهما والكافر يساوي المسلم في هذا المعنى فوجب أن يكون بدله كبدله والمستأمن ديته مثل دية الذمي في الصحيح لما روينا.
فصل لما فرغ من بيان دية النفس شرع يذكر ما يلحق بها فيها. قال رحمه الله: (في النفس والمارن) يعني تجب الدية في كل واحد منهما. قال محمد رحمه الله: وفي الانف الدية، وفي
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 78 79 82 84 85 89 90 ... » »»
الفهرست