تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٧٩
يأخذ النقصان جنى مدبر أو أم ولد ضمن السيد الأقل من القيمة ومن الأرش فإن دفع
____________________
نصف قيمته ويصير المولى مختارا للفداء في الجاني، ثم إذا صار مختارا للفداء فمقدار القيمة معتبر من جميع المال، وإذا جنى كل واحد من العبدين جناية والمسألة بحالها سعيا على الوجه الذي وصفناه وصار مختارا للفداء في الجنايتين ولكن تجب دية واحد في مال المولى وقيمة العبدين ويكون ذلك من جميع المال وما زاد على القيمة إلى تمام الدية يعتبر من ثلث المال وتكون الجنايتان نصفين إذ ليس أحدهما أولى من الآخر. قال في الجامع الصغير: رجل له عبدان سالم ورابع فقتل سالم رجلا خطأ في صحة المولى فقال المولى أحدكما حر ثم قتل رابع رجلا آخر في صحة المولى ثم مات المولى قبل البيان عتق من كل واحد منهما نصفه وسعى كل واحد منهما في نصف قيمته ولزم المولى الفداء في قتل سالم، وهذا منه اختيار للفداء إلا أن فداء سالم في الدية يعتبر من جميع المال وما زاد على ذلك إلى تمام الدية يعتبر من الثلث ولا يلزمه الفداء في قتل رابع، ولو أن المولى لم يقل ما ذكر ولكن المولى أوقع العتق على سالم صار مختارا للفداء في قتل سالم، وإن أوقع المولى العتق على رابع لم يصر مختارا.
قال رحمه الله: (فقأ عيني عبد دفع سيده عبده وأخذ قيمته أو أمسكه ولا يأخذ النقصان) أي إذا فقأ رجل عيني عبد فالمولى بالخيار إن شاء دفع العبد المفقوء إلى الفاقئ وأخذ قيمته كامل، وإن شاء أمسكه ولا شئ له وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: إن شاء أمسك العبد وأخذ ما أنفقه، وإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته. وقال الشافعي: يضمنه كل القيمة ويمسك الجثة لأنه يجعل الضمان مقابلا بالفائت فبقي الباقي على ملكه كما إذا قطع إحدى يديه وفقأ إحدى عينيه ونحن نقول المالية قائمة في الذوات وهي معتبرة في حق الأطراف فصار اعتبار المالية في الذوات دون الأطراف ساقطا بل المالية تعبر في الأطراف أيضا بل اعتبار المالية في الأطراف أولى لأنها يسلك بها مسالك الأموال فإذا كانت المالية معتبرة وقد وجد أيضا إتلاف النفس من وجه بتفويت جنس المنفعة وهذا الضمان مقدر بقيمة الكل فوجب أن يتملك الجثة دفعا للضرر عنه ورعاية للمالية بخلاف ما إذا فقأ عيني حر لأنه ليس فيه معنى المالية وبخلاف عيني المدبر لأنه لا يقبل النقل من ملك إلى ملك، وفي قطع إحدى اليدين وفق ء إحدى العينين لم يوجد تفويت جنس المنفعة فإذا ثبت هذا جئنا إلى تعليل مذهب الفريقين.
لهما أن العبد في حكم الجناية على أطرافه بمنزلة المال حتى لا يجب القود فيها ولا تتحملها العاقلة وتجب قيمته بالغة ما بلغت فكان معتبرا بالمال، فإذا كان معتبرا به وجب تخيير المولى على الوجه الذي قلناه كما في سائر الأموال، فإن خرق ثوب الغير خرقا فاحشا يوجب تخيير المالك إن شاء دفع الثوب وضمن قيمته، وإن شاء مسكه وضمنه النقصان. وله أن المالية وإن كانت معتبرة في الذات والآدمية أيضا غير مهدرة فيه وفي الأطراف ألا ترى أن عبدا لو قطع يد عبد آخر يؤمر مولاه بالدفع أو الفداء وهذا من أحكام الآدمية لأن موجب الجناية على المال
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 167 172 176 177 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست