مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٦٤٧
إذا علم رشدها أو جهل حالها إن معنى قوله: والمشهور في المهملة أن أفعالها جائزة إذا عنست أو مضى لدخول زوجها بها العام أن ذلك إذا لم يعلم سفهها، والأقوال التي تقدمت في ذات الأب جميعها إذا لم يعلم سفهها، وأما إن علم سفهها فأفعالها مردودة. هكذا قيد جميعها في المقدمات في كتاب المأذون له. وكذلك المهملة إذا علم سفهها فلا تجوز أفعالها إلا قول سحنون وهو شاذ كما سيأتي في كلام ابن رشد بخلاف الذكر إذا علم سفهه وكان مهملا فإن أفعاله جائزة عند جميع أصحاب مالك إلا ابن القاسم.
قال ابن رشد في المسألة التي بعد المسألة المتقدمة: وأما البكر المهملة دون أب ولا وصي، فالمشهور أن خلعها لا يجوز ولا شئ من أفعالها، وهو نص قول أصبغ في نوازله من هذا الكتاب ومن كتاب التخيير والتمليك. وذهب سحنون هنا إلى أن خلعها يجوز وكذلك سائر أفعالها قياسا على السفيه اليتيم الذي لا وصي له فعلى قوله تجوز أفعالها وإن كانت سفيهة معلومة السفه وهو شذوذ من قوله لم يتابعه عليه أحد من أصحاب مالك. وأجمع أصحاب مالك كلهم غير ابن القاسم على أن أفعال السفيه إذا لم يكن في ولايته جائزة، وقد روى ابن وهب عن مالك أن أفعاله لا تجوز مثل قول ابن القاسم انتهى. وقد حكى في المقدمات في اليتيم المهمل أربعة أقوال: أحدها قول مالك وكبراء أصحابه أن أفعاله كلها بعد البلوغ جائزة نافذة، رشيدا كان أو سفيها، معلنا بالسفه أو غير معلن به، اتصل سفهه من حين بلوغه أو سفه بعد أن أنس منه الرشد من غير تفصيل. الثاني لمطرف وابن الماجشون وإن كان متصل السفه فلا يجوز وإلا جازت ولزمته ما لم يكن بيعه بيع سفه وخديعة مثل أن يبيع ما بألف بمائة فلا يجوز ولا يتبع بالثمن إن أفسده من غير تفصيل بين معلن السفه وغيره. والثالث لأصبغ إن كان معلنا فلا تجوز وإن لم يعلن جازت، اتصل سفهه أم لا؟
وذهب ابن القاسم وهو القول الرابع إلى أنه ينظر يوم بيعه إن كان رشيدا جازت أفعاله، وإن كان سفيها لم تجز، وليس في كلامه في المقدمات مخالفة لقوله في البيان: أجمع مالك وأصحابه غير ابن القاسم لأن الخلاف الذي ذكره عن هؤلاء الثلاثة مطرف وابن الماجشون وأصبغ إنما هو في بعض أحوال السفه فتأمله والله أعلم. وأما اليتيمة ذات الوصي من أبيها ومقدم من قبل القاضي فقال في المقدمات: لا تخرج من الولاية وإن عنست أو تزوجت ودخل بها زوجها وطال زمانها وحسنت حالتها ما لم تطلق من ثقاف الحجر الذي لزمها بما يصح إطلاقها منه، وقد بينا ذلك قبل هذا وهذا هو المشهور في المذهب المعمول به، وقد تقدم من قول ابن الماجشون أن حالها مع الوصي كالأب في خروجها بالتعنيس أو النكاح يريد مع طول المدة وتبين الرشد وهي رواية مطرف وابن عبد الحكم وعبد الرحيم عن مالك انتهى. وهذا يفهم من كلام المصنف لأنه قال في الذكر: إذا كان ذا أب فيخرج بالبلوغ مع حفظ المال، وإن كان بوصي أو مقدم فيخرج بالبلوغ مع حفظ المال. والبلوغ دخول زوج
(٦٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 652 ... » »»
الفهرست