وأكره عليه ثم أطلق تحت الضمان حتى يأتي بالمال أنه لم يزل في الضغطة وأن بيعه في ذلك الوقت بيع مضغوط وفيه خلاف. والذي أتقلده قول سحنون وروايته عن مالك: يرد البيع ويغرم الثمن المقبوض إلا أن يعلم المبتاع بضغطته فيرد البيع ويتبع الضاغط بالثمن. ولا تباعة له على المضغوط إلا أن يكون الوكيل هو العالم بالضغطة دون موكله فيرجع الموكل على وكيله لأنه تعدى، فإن لم يثبت علم أحدهما بذلك وأراد البائع تحليف من ادعى عليه علم ذلك فذلك له انتهى. ففي هذه الفتوى ما يشهد للتي قبلها، وما نقله ابن رشد في نوازله عن سحنون هو خلاف ما نقله عنه في البيان كما تقدم، واقتصر ابن عرفة على ما نقله في نوازله والله أعلم.
الثامن: في شهادة العدول على بيع المكره. قال البرزلي: فيها نظر إلا أن يكونوا يخافوا عليه فلهذا وجه، لكن حقهم أن يذكروا صفة حاله وإن لم يخافوا عليه فالصواب أن لا يشهدوا في مثل هذا لأنها صفقة لا تجوز، وإن خافوا على أنفسهم العزل فلا يشهدوا لأنها ظلم، ولو خافوا على أنفسهم وأموالهم ففيها نظر للخلاف في أصل المسألة انتهى. يعني في بيع المضغوط والله أعلم.
التاسع: قال في سماع عيسى من كتاب الوديعة: من أودع متاعا فعدا عليه عاد فأغرمه على ذلك المتاع غرما لم يكن على صاحب المتاع شئ مما غرم. ابن رشد: قد قيل: إن له أن يرجع على صاحب المتاع بما غرم من متاعه. وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يعلم صاحب المتاع به، وأما ما علم به مثل المتاع يوجه به الرجل من بلد إلى بلد مع رجل وقد علم أن بالطريق مكاسا يغرم الناس على ما يمرون به من المتاع، فلا ينبغي أن يختلف في أنه يجب على رب المتاع ما غرم على متاعه، وقد رأيت ذلك لابن دحون وقال: إنه بمنزلة الرجل يتعدى عليه السلطان فيغرمه فتسلف ما يغرم فذلك دين لازم وهو حلال لمن أسلفه.
ووجه ما ذهب إليه أنه إذا علم بذلك فكأنه قد سأله أن يسلفه ما يلزمه من الغرم انتهى.
العاشر: قال ابن رشد إثر كلامه المتقدم: ومن هذا المعنى ما قال سحنون في الرفاق في أرض المغرب تعرض لهم للصوص فيريدون أكلهم، فيقوم بعض أهل الرفقة فيضمنهم على مال عليه وعلى جميع من معه وعلى من غاب من صاحب الأمتعة فيريد من غاب أن يدفع ذلك عن نفسه قال: إذا كان ذلك مما عرف من سنة تلك البلاد أن إعطاء المال يخلصهم وينجيهم فإن ذلك لازم لمن حضر ولمن غاب ممن له أمتعة في تلك الرفقة، وعلى أصحاب الظهر من ذلك ما ينوبهم في تلك الرفاق وإن كان يخاف على أن لا ينجيهم ذلك، وإن أعطوا وكان فيهم موضع لدفع ذلك فما أوجب لهم أن يدفعوا على أنفسهم وأموالهم، فإن لم يفعلوا وأعطوا على ذلك شيئا لم يرجع بذلك على من غاب من صاحب