مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٤٠٣
بجهله. والثانية لا قيام بالغبن إلا إذا استسلم وأخبر بجهله. والثالثة لا قيام بالغبن إلا إذا استأمنه. ولم أقف على الطريقة الأولى إلا إذا حملت طريقة القاضي عبد الوهاب التي ذكرناها عن المعونة والتلقين على إطلاقها، وجعل القول الأول فيها هو المشهور ولم أقف على ذلك.
فإن قلت: قد قال في اللباب: وأسباب الخيار خمسة الأول الغبن. قال في الاكمال: المغابنة بين الناس ماضية إن كثرت وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة. وقيل: للمغبون الخيار. ثم ذكر كلام صاحب المقدمات فكلام صاحب الاكمال يقتضي نفي الخلاف مطلقا. قلت:
قال القاضي في الاكمال قبل الكلام الذي حكا صاحب اللباب: غبن المسترسل وهو المستسلم لبيعه ممنوع وله القيام إذا وقع. اه‍ ونقله الآبي عنه. وقد اعتمد في الشامل على ظاهر كلام المصنف ولا يصح ذلك ونصه: وهل للمغبون في بيع وشراء مقال مطلقا أو لغير العارف وإن وقع على وجه الأمانة والاسترسال كبعني أو اشتر مني مثل الناس لا على وجه المكايسة، وإن أخبره بجهله بالقيمة فقال له: هي كذا إلا إن كان عارفا بها وإلا فقولان خلاف، وشهر عدم القيام مطلقا اه‍. فقوله: وشهر عد القيام مطلقا يقتضي ذلك طريقة رابعة فإنه بدأ أولا بطريقة عبد الوهاب على ما نقل في الجواهر والتوضيح، ثم بطريقة ابن رشد: ثم بطريقة المازري ولا يحتاج لاثبات الطريقة الرابعة بقول ابن عبد السلام إثر حكايته الطريقة الثانية في كلام ابن الحاجب وهي طريقة المازري، والمشهور من المذهب أنه لا قيام بالغبن وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وذهب العراقيون من أهل المذهب إلى القول الثاني اه‍. فإنه أراد المشهور من القولين المحكيين في هذه الطريقة بدليل أنه قال قبل هذا الكلام: وهذه الطريقة أقرب إلى التحقيق اه‍. وكما يفهم ذلك من كلام التوضيح ولو كان ذلك مراد ابن عبد السلام لنبه على أن تلك طريقة مخالفة لما ذكره ابن الحاجب، وكذلك المصنف في التوضيح، ولو فهم أنه طريقة مخالفة لما ذكره ابن الحاجب لنبه على ذلك كما نبه على طريقة ابن رشد فتأمله منصفا. وحكاية المصنف للطريقتين الأخيرتين غير ظاهر لأن كلامه يقتضي أن الثانية منافية للثانية وليس كذلك، بل هما متفقتان في هذا الوجه الذي يثبت فيه القيام بالغبن كما يظهر ذلك من كلام ابن رشد والمازري المتقدم. نعم يتخالفان في الوجه الآخر فإن طريقة المازري تحكي الخلاف في القيام بالغبن، وطريقة ابن رشد
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست