مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٣٨
غير مكلفين، وصح ما قاله ابن راشد وما استظهرناه من كلام المصنف من أنه ليس مراده هنا بالتكليف معناه المشهور وهو التكليف بالعبادات الذي ترتب على البلوغ والعقل، بل مراده به هنا ما هو أخص من ذلك وهو التكليف بأحكام البيع الذي ترتب على الرشد والطوع، ولهذا فرع عليه قوله: لا إن أجبر عليه جبرا حراما إلا أنه يصير في العبارة قلق فإن معناها حينئذ:
وشرط لزوم البيع الالزام به وذلك دور. فلو قال: وشرط لزومه رشد وطوع لكان أحسن.
وقول ابن غازي لو قال: رشد لكان أولى لأنه أعم يوهم أن اقتصاره على الرشد كاف وليس كذلك. وقوله: لأنه أعم صوابه لأنه أخص فتأمله والله أعلم. وظاهر كلام الشارح والبساطي حمل التكليف في كلام المؤلف على خلاف ما تقدم وليس بظاهر، بل الظاهر حمله على كلام ابن راشد المتقدم والله أعلم.
تنبيهات: الأول: خرج باشتراط الرشد كل محجور عليه كالصغير والسفيه والعبد البالغ الذي لم يؤذن له في البيع والشراء، وكل من فيه شائبة رق من مدبر وأم ولد ومعتق لأجل ومبعض إلا المكاتب فإنه أحرز نفسه وماله.
الثاني: إذا باع السفيه أو اشترى أو الصغير في حال حجره بغير إذن وليه فإنه يصح ويوقف على نظر وليه بذلك من أب أو وصي أو مقدم من جهة القاضي، فيجيزه أو يرده بحسب ما يرى أنه الأصلح، فإن لم يعلم وليه أو علم ولم ينظر في ذلك حتى خرج السفيه عن الحجر خير في إجازة ذلك ورده، فإن لم يكن له ولي قدم القاضي من ينظر في حاله، فإن لم يفعل حتى ملك أمر نفسه فهو مخير في رد ذلك وإجازته والله أعلم.
الثالث: إذا باع المحجور أو اشترى بحضرة وليه وسكت الولي على ذلك ففي ذلك خلاف، قال ابن سلمون في ترجمة إنكاح الأب والوصي الصغير والمحجور. قال أبو إبراهيم في مسائله: كل ما عقده اليتيم على نفسه بعلم الوصي وشهادته مما هو نظر لليتيم فذلك لازم لليتيم، نكاحا كان أو بيعا أو شراء أو غير ذلك من مصالحه، وما كان من ذلك ليس بمصلحة ولا غبطة لليتيم فهو لازم للوصي بتضييعه وتفريطه في منعه مما ليس بمصلحة، وقد نزل ذلك عندنا فأشرنا على القاضي بذلك إلا رجلا منا فإنه رأى أن ذلك غير لازم لليتيم ولا للوصي، ورأي أن ذلك سقطة من الوصي توجب عزله عن اليتيم ولا توجب عليه الضمان وهو عندنا ضعيف، لأن الوصي أمين وكل أمين إذا ضيع أمانته أو تعدى فيها فهو ضامن لها.
وذكر الأبهري أن سكوت الوصي إذا رأى محجوره يبيع ويشتري ليس برضا ولا يلزمه ذلك، وكذلك الصغير بمحضر أبيه. وفي كتاب الاستغناء نحو ما ذكره الأبهري في الوصي انتهى.
وقال ابن سلمون أيضا في ترجمة السفيه والمحجور: قال الأبهري: فإن رأى الوصي المولى عليه يبيع ويشتري وهو ساكت فليس عليه شئ يلزمه لذلك، لأن في الأصل لا يجوز بيعه
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست