الثوب فيصبغه أو يقطعه فينقص من ثمنه فإن هذا فوت باتفاق، والمشتري مخير بين أن يمسك أو يرجع بقيمة العيب أو يرده ويرد ما نقصه ذلك عنده إلا أن يكون مدلسا فلا يكون عليه للنقصان شئ يرده من أجله. واختلف إذا أراد أن يمسك هل له أن يرجع بقيمة العيب أم لا؟ على قولين: أحدهما قول ابن القاسم أن ذلك له، والثاني قول أصبغ وابن المواز ذلك ليس له فيما كان نقصه بغير صناعة كالقطع وإنما يكون له ذلك فيما إذا نقصه بصناعة كالصبغ وشبهه ولكلا القولين وجه من النظر، ونقل الرجراجي وغيره. وقال في كتاب التدليس بالعيوب من المدونة: وكل ما أحدث بالرقيق والحيوان والدور عند المبتاع من عيب مفسد فلا يرده إن وجد به عيبا إلا بما نقصه عنده، دلس البائع بالعيب أم لا؟ بخلاف الثياب تقطع وتصبغ وتقصر إذ لهذا تشترى فيفترق فيها التدليس من غيره ويصير المدلس كالآذان في ذلك فلا شئ له في الرد مما نقصها إلا أن يفعل في الثياب ما لا يفعل في مثلها، أو يحدث فيها عيب مفسد من غير التقطيع فلا يردها إلا بما نقصها، فإن قطع الثياب قمصا أو سراويلات أو أقبية ثم ظهر على عيب لم يعلم به البائع فالمبتاع مخير في حبسه والرجوع بقيمة العيب أو رده وما نقصه القطع، فإن دلس البائع فلا شئ على المبتاع لما نقص القطع إن دره. قال ابن يونس: قال ابن المواز: ولا يكون له هنا أن يحبسه ويأخذ من البائع قيمة العيب القديم لأنه صار له أن يرد بلا غرم لما نقصه ولا لشئ دخل له فيه من صبغ أو خياطة، فلما كان كذلك صار كمن لم يحدث به عنده عيب فله أن يرد أو يحبس بلا شئ.
ثم قال في المدونة: وكذلك الجلود تقطع خفافا أو نعالا وسائر السلع إذا عمل بها ما يعمل بمثلها مما ليس بفساد، فإذا فعل في ذلك ما لا يفعل في مثله كقطع الثوب الرشى خرقا وقباءين فليس له رده وذلك فوت، ويرجع على البائع بقيمة العيب من الثمن. وأما إن لبس الثوب لبسا ينقصه لم يرده إلا بما نقصه اللبس في التدليس وغيره، لأنه انتفع، أو يحبسه ويرجع على البائع بقيمة العيب ولا يرد للبس الخفيف شيئا إذا لم ينقصه. وإن صبغه صبغا ينقصه أو قطعه والبائع مدلس فللمبتاع الرد بلا غرم أو التماسك والرجوع بقيمة العيب. ابن يونس: لعله يريد أنه قطعه قطعا أدى عليه أجرة لصنعة فيه فيكون له التماسك والرجوع بقيمة العيب كما قال في الصبغ. وأما إن لم يكن لقطعه قيمة فكان يجب أنه إذا تماسك لا يرجع بشئ لأنه كان له أن يرد بلا غرم. كذلك قال ابن المواز وهو الصواب إن شاء الله. وقال بعض شيوخنا: قول مالك أولى لأن التقطيع يوجب له التخيير في غير التدليس فلا يكون المدلس أحسن حالا ممن لم يدلس فهما في الحكم سواء إلا أنه لا يلزمه القطع في التدليس. ثم رجح ابن يونس كلام ابن المواز. وما ذكره عن ابن المواز هنا وفوقه هو الخلاف الذي ذكره ابن رشد في المقدمات. ويظهر من كلام ابن يونس أولا أنه جعل قول ابن المواز تقييدا، ويفهم من آخر كلامه أنه جعله خلافا وأنه رجح قول ابن المواز. والذي