مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٣٦٩
عليه بالعيب فلا يتداخلان. الثانية: قال في اللباب: من الاحكام التي يفترق فيها المدلس من غيره حكم ما يأخذه المكاس مثل أن يشتري حمارا فيؤدي عليه مكسا ثم يحدث به عيب فيريد الرجوع به على البائع ولم يحضرني الآن في المسألة نقل، والذي يوجبه النظر أن البائع إن كان مدلسا فيرجع به عليه وإلا فلا. وقد أشار ابن يونس إلى الخلاف في المبتاع يؤدي مكسا على المبيع ثم يؤخذ بالشفعة هل يلزم المبتاع دفع ذلك أم لا؟ وأجرى ذلك بعضهم على مسألة من اشترى شيئا من يد لص هل يأخذه ربه بلا ثمن أو حتى يدفع للمشتري ما دفع؟ يمكن أن يقال: إنه ظلم فيكون مما أخذه منه انتهى. وقوله في مسألة الشفعة: هل يلزم المبتاع صوابه هل يلزم الشفيع. وقد قال المصنف في باب الشفعة: وفي المكس تردد.
وقال في باب الجهاد في مسألة المشتري من اللص: والأحسن في المفدى من لص أخذه بالفداء. وقال ابن عرفة إثر كلامه السابق في مسألة تعليم العبد الصنعة: قال المازري: قال بعض الأشياخ: غرم قبالة السلطان على شراء ما يشتري يوجب رجوع المشتري بالأرش.
وخرجه بعضهم على غرم أجر الصنعة انتهى. فهذا يقتضي أن الغرم للسلطان يفيت الرد بالعيب ويتعين معه الرجوع بالأرش. والذي يظهر من كلام ابن رشد أنه إذا رد بالعيب يرجع بما غرمه للسلطان إذا كان مدلسا ولأنه يرجع بما إذا لم يكن مدلسا فتأمله.
تنبيه: قال في المقدمات: البائع محمول على عدم التدليس حتى يثبت ذلك عليه أو يقر به على نفسه انتهى. وقاله في المدونة: وإن ادعى يعني المشتري أن البائع دلس له فأنكره حلفه، ولو قال البائع: علمت العيب ونسيته حين البيع حلف له أنه نسيه انتهى. وقال في المقدمات: فإن أنكر أن يكون علم أو ادعى أنه نسي حلف على ذلك، فإن حلف خير المبتاع عند ابن القاسم. وحكى ابن المواز عن مالك أنه لا يحلف إلا بعد أن يخير المبتاع فيختار الرد إذ لا معنى ليمينه إذا اختار الامساك والرجوع بقيمة العيب انتهى. وحكى القولين في المنتقى وقال: إن قول ابن القاسم أحرى على أصل ابن المواز الآتي في إسقاط حكم التخيير مع التدليس، وقول ابن المواز على قول ابن القاسم في إثبات التخيير.
فرع: فإن نكل البائع عن اليمين ثبت له حكم التدليس. نقله في التوضيح عن المتيطية في شرح قول ابن الحاجب وعليهما رد السمسار ص: (إن نقص) ش: قال الشارح: الأولى من المسائل التي يفترق فيها حكم المدلس من غيره إذا فعل المبتاع في المبيع فعلا فنقص بسببه فمع التدليس لا شئ على البائع وإلا فهو عيب حادث عنده، إما أن يرد ويعطى أرش الحادث أو يتماسك ويأخذ أرش القديم انتهى. قلت: عموم كلام الشارح رحمه الله في قوله:
إذا فعل في المبيع فعلا غير صواب فإنه يقتضي أن كل فعل فعله المبتاع في المبيع لا شئ عليه إذا كان البائع مدلسا، سواء كان مما جرت العادة أن يحدث فيه مثل أن يشتري
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست