الدعوى، ورد الشهادة أولى، لأن موضع شهادة الحسبة أن يثبت لله تعالى حق مجحود فيثبته الشاهد حسبة، ثم إذا توجهت الدعوى، وأنكر السيد، فله إسقاط اليمين عن نفسه، بأن يقول: إن كنت دبرته فقد رجعت عنه إذا جوزنا الرجوع باللفظ، وكذا لو قامت به بينة، وحكم به الحاكم، فله الدفع بهذا الطريق على هذا القول. ولو ادعى على الورثة أن مورثهم دبره، وأنه عتق بموته، حلفوا على نفي العلم، ولا يثبت التدبير إلا بشهادة رجلين، لأنه ليس بمال، وثبت الرجوع برجل وامرأتين، وشاهد ويمين، لأنه مال، وفيه وجه ضعيف، لأنه ينفي الحرية.
الرابع: مجاوزة الثلث، فعتق المدبر معتبر من الثلث بعد الديون، فلو كان على الميت دين مستغرق للتركة، لم يعتق منه شئ، وإن لم يكن دين، ولا مال سواه، عتق ثلثه، وإن كان دين يستغرق نصفه بيع نصفه في الدين، ويعتق ثلث الباقي منه. وفي تعليقة إبراهيم المروزي أن الحيلة في عتق الجميع بعد الموت، وإن لم يكن له مال سواه أن يقول: هذا العبد حر قبل مرض موتي بيوم، وإن مت فجأة، فقبل موتي بيوم، فإذا مات بعد التعليقين بأكثر من يوم، عتق من رأس المال، ولا سبيل عليه لاحد. ولو اقتصر على قوله: أنت حر قبل موتي بيوم أو شهر، فإذا مات، نظر، إن كان في أول اليوم، أو الشهر قبل الموت مريضا، اعتبر عتقه من الثلث، وإن كان صحيحا، فمن رأس المال ولا فرق في اعتبار التدبير من الثلث، بين أن يقع التدبير في الصحة أو في المرض كالوصية.
فرع دبر عبدا ومات، وباقي ماله غائب عن بلد الورثة، أو دين على معسر، فلا يعتق جميع المدبر، وهل يعتق ثلثه؟ وجهان أحدهما: نعم، لأن الغيبة لا تزيد على العدم. ولو لم يكن إلا العبد، لعتق ثلثه، فعلى هذا ثلث أكسابه بعد