بسرقة أو قطع فقطع، أو بقذف أو شرب فجلد ومات منه، ثم رجعوا. ويحدون في شهادة الزنى وحد القذف أولا، ثم يقتلون، وهل يرجمون أو يقتلون بالسيف؟ فيه احتمالان، ذكرهما أبو الحسن العبادي، والصحيح الأول. ثم هنا صور إحداها:
لو رجع القاضي دون الشهود، وقال: تعمدت، لزمه القصاص، أو الدية المغلظة وبكمالها، ولو رجع القاضي والشهود جميعا، لزمهم القصاص، وإن قالوا:
أخطأنا، أو عفا على مال، فالدية منصفة، عليهما نصفها، وعليه نصفها، هكذا نقله البغوي وغيره، وقياسه أن لا تجب كمال الدية عند رجوعه وحده، كما لو رجع بعض الشهود، ولو رجع ولي الدم وحده، لزمه القصاص، أو كمال الدية، ولو رجع مع الشهود، فوجهان أصحهما عند الامام أن القصاص أو كمال الدية على الولي، لأنه المباشر، وهم معه كالممسك مع القاتل، وأصحهما عند البغوي أنهم معه، كالشريك لتعاونهم على القتل، لا كالممسك، لأنه جعلهم كالمحقين، فعلى هذا على الجميع القصاص أو الدية، نصفها على الولي، ونصفها على الشهود، ولو رجع القاضي معهم، فالدية مثلثة، ثلثها على القاضي، وثلث على الولي، وثلث على الشهود، وينبغي على هذا الوجه أن لا يجب كمال الدية على الولي إذا رجع وحده.
قلت: لم يرجح الرافعي واحدا من الوجهين، بل حكى اختلاف الامام والبغوي في الصحيح، والأصح ما صححه الامام وقد سبق في أول كتاب الجنايات من هذا الكتاب القطع به، فهو الأصح نقلا ودليلا. والله أعلم.