الشهادة، فلو تحمل والأصل بصفات الشهود، ثم طرأ ما يمنع قبولها، أو الوصول إليها، نظر إن كان الطارئ موتا أو غيبة أو مرضا، لم يؤثر، وإن عرض فسق أو عداوة أو ردة، لم تقبل شهادة الفرع ما دامت هذه الأحوال بالأصل، فإن زالت هل يشهد الفرع بالتحمل الأول، أم يشترط تحمل جديد؟ وجهان، أصحهما: الثاني، قاله ابن سريج، وصححه الامام. ولو حدث الفسق، أو الردة بعد الشهادة، وقبل القضاء امتنع القضاء، ولو طرأ على الأصل جنون، فقيل: تبطل شهادة الفرع كالفسق، والصحيح الذي قاله الجمهور: لا أثر له، كالموت، لأنه لا يوقع ريبة فيما مضى، ويجري الوجهان فيما لو عمي، وأولى بأن لا يؤثر، لأنه لا يبطل أهلية الشهادة بالكلية. ولو أغمي عليه، قال الامام: إن كان غائبا لم يؤثر، وإن كان حاضرا، لم يشهد الفرع، بل ينتظر زواله، لأنه قريب الزوال، ومقتضى هذا أن يكون الجواز كذلك في كل مرض يتوقع زواله، كتوقع زوال الاغماء.
قلت: ليس كما قال الرافعي رحمه الله، بل الصواب أن المرض لا يلحق بالاغماء، وإن توقع زواله قريبا، لأن المريض أهل للشهادة بخلاف المغمى عليه. والله أعلم.
ولا أثر لحدوث شئ من هذه المعاني بعد القضاء، وكذا لو شهد الفرع في غيبة الأصل، ثم حضر بعد القضاء، لم يؤثر، وإن حضر قبله، امتنع القضاء، لحصول القدرة على الأصل، وكذا لو كذب الأصل الفرع قبل القضاء، امتنع القضاء، والتكذيب بعده لا يؤثر. ولو قضى القاضي بالفرع، ثم قامت بينة بأن الأصل كذب الفرع قبل القضاء، فالقضاء منقوض ذكره الامام.