به الأعمى، ولا يزال يضبطه حتى يشهد بما سمع منه عند القاضي، فيقبل هذه الشهادة على الصحيح لحصول العلم، وقيل: لا يقبل سدا للباب مع عسر ذلك، وتقبل رواية الأعمى ما سمعه حال العمى على الصحيح، وبه قطع الجمهور إذا حصل الظن الغالب بضبطه، واختار الامام المنع، فأما ما سمعه قبل العمى، فتقبل روايته في العمى بلا خلاف، ولو تحمل شهادة تحتاج إلى البصر وهو بصير، ثم عمي، نظر إن تحمل على رجل معروف الاسم والنسب يقر لرجل بهذه الصفة، فله أن يشهد بعدما عمي، ويقبل لحصول العلم، وكذا لو عمي ويد المقر في يده، فشهد عليه لمعروف الاسم والنسب. وإن لم يكن كذلك، لم تقبل شهادته، ويجوز الاعتماد على ترجمة الأعمى على الأصح، ولو عمي القاضي بعد سماع البينة وتعديلها، ففي نفوذ قضائه في تلك الواقعة وجهان، أحدهما لا، لانعزاله بالعمى، كما لو انعزل بسبب آخر، وأصحهما: نعم إن لم يحتج إلى الإشارة، كما لو تحمل الشهادة وهو بصير، ثم عمي، وأما شهادة الأعمى فيما يثبت بالاستفاضة، فسيأتي في الطرف الثاني إن شاء الله تعالى.
فصل إذا شاهد فعل إنسان، أو سمع قوله، فإن كان يعرفه بعينه واسمه ونسبه، شهد عليه عند حضوره بالإشارة إليه، وعند غيبته وموته باسمه ونسبه، فإن كان يعرفه باسمه واسم أبيه دون جده، قال الغزالي: يقتصر عليه في الشهادة، فإن عرفه القاضي بذلك، جاز، وكان يحتمل أن يقال: هذه شهادة على مجهول، فلا تصح كما سبق في القضاء على الغائب أن القاضي لو لم يكتب إلا أني حكمت على محمد بن أحمد، فالحكم باطل. وقد ذكر الشيخ أبو الفرج أنه إذا لم يعرف نسبه قدر ما يحتاج إلى رفعه لا يحل له أن يشهد إلا بما عرف، لكن الشهادة والحالة هذه لا تفيد، وقال الامام: لو لم يعرفه إلا باسمه لم يتعرض لاسم أبيه، لكن الشهادة على مجرد الاسم قد لا تنفع في الغيبة، وبالجملة لا يشهد بما لا معرفة له به. ولو سمع اثنين يشهدان أن فلانا وكل هذا الرجل في بيع داره، وأقر الوكيل بالبيع، شهد على إقراره بالبيع، ولم يشهد بالوكالة. وكتب القفال في مثله أنه يشهد على شاهدي الوكالة، وكأنهما أشهداه على شهادتهما، ولو حضر عقد نكاح زعم الموجب