وغيرهم ممن يحضرون مجلس القضاء، والثاني: لا يكره كما لا يكره الجلوس فيه لتعليم القرآن وسائر العلوم والافتاء، وإذا أثبتنا الكراهة، فهي في إقامة الحد أشد، وكراهة اتخاذه مجلسا للقضاة كراهة تنزيه، فإن ارتكبها لم يمكن الخصوم من الاجتماع فيه والمشاتمة ونحوها، بل يقعدون خارجه، وينصب من يدخل خصمين خصمين، ولو اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره في المسجد لصلاة أو غيرها، فلا بأس بفصلها، وإذا جلس للقضاء ولا زحمة، كره أن يتخذ حاجبا على الأصح، ولا كراهة فيه في أوقات حلوته على الصحيح.
الأدب الخامس: يكره أن يقضي في كل حال يتغير فيه خلقه، وكمال عقله لغضب أو جوع أو شبع مفرطين أو مرض مؤلم، وخوف مزعج، وحزن وفرح شديدين، وغلبة نعاس أو ملال أو مدافعة أحد الأخبثين، أو حضور طعام يتوق إليه، ثم قال الامام والبغوي وغيرهما: الكراهة فيما إذا لم يكن الغضب لله تعالى، وظاهر كلام آخرين أنه لا فرق، ولو قضى في هذه الحال، نفذ.
فصل إذا أقر المدعى عليه أو نكل، فحلف المدعي، ثم يسأل المدعي القاضي أن يشهد على أنه أقر عنده أو نكل، وحلف المدعي، لزمه إجابته. ولو أقام بينة بما ادعاه، وسأل القاضي الاشهاد عليه، لزمه أيضا في الأصح، ولو حلف المدعى عليه، وإن سأله الاشهاد ليكون حجة له، فلا يطالبه مرة أخرى، لزمه إجابته، وسأله أحد المتداعيين أن يكتب له محضرا بما جرى ليحتج به إذا احتاج، نظر إن لم يكن عنده قرطاس من بيت المال، ولم يأت به الطالب، لم يلزمه