فحديث أبي سعيد فيه أنهم لم يحفروا لماعز. وحديث عبد الله بن بريدة فيه أنهم حفروا، وقد جمع بين الروايتين بأن المنفي حفيرة لا يمكنه الوثوب منها والمثبت عكسه أو أنهم لم يحفروا له أول الأمر، ثم لما وجد مس الحجارة خرج من الحفرة فتبعوه، وعلى فرض عدم إمكان الجمع فالواجب تقديم رواية الاثبات على النفي، ولو فرضنا أن ذلك غير مرجح توجه إسقاط الروايتين والرجوع إلى غيرهما لوجدنا حديث خالد بن اللجلاج الذي أخرجه أبو داود وأحمد بلفظ أن أباه أخبره، فذكر قصة رجل اعترف بالزنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أحصنت؟ قال نعم، فأمر برجمه، فذهبنا فحفرنا له حتى أمكننا ورميناه بالحجارة حتى هدأ) فإن فيه التصريح بالحفر بدون تسمية المرجوم. وكذلك حديثه أيضا في الحفر للغامدية.
وقد ذهبت العترة إلى أنه يستحب الحفر إلى سرة الرجل وثدي المرأة.
وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه لا يحفر للرجل. وفى قول للشافعي أنه إذا حفر فلا بأس، وبه قال الامام يحيى.
وفى وجه للشافعية أنه يخير الامام.
وفى المرأة ثلاثة أوجه ثالثها يحفر ان ثبت زناها بالبينة لا بالاقرار، والمروى عن أبي يوسف وأبى ثور أنه يحفر للرجل والمرأة على المشهور عن الأئمة الثلاثة أنه لا يحضر مطلقا، والظاهر مشروعية الحفر.
ثم قال: قالت الحنابلة والشافعية والحنفية والعترة: ويروى عن مالك في قول له أن يقبل من المقر الرجوع عن الاقرار ويسقط عنه الحد وذهب ابن أبي ليلى وأبو ثور ورواية عن مالك وقول للشافعي أنه لا يقبل منه الرجوع عن الاقرار بعد كماله كغيره من الاقرارات، قال الأولون ويترك إذا هرب لعله يرجع.
قال في البحر (مسألة) وإذا هرب المرجوم بالبينة أتبع بالرجم حتى يموت لا بالاقرار لقوله صلى الله عليه وسلم لماعز (هلا خليتموه) ولصحة الرجوع عن الاقرار، ولا ضمان إذا لم يضمنهم صلى الله عليه وسلم لاحتمال كون هربه رجوعا أو غيره اه