قولا واحدا، والفرق بينهم وبين الغاصب أن الغاصب ثبتت يده على المال بعدوان والشهود لم تثبت أيديهم على المال، والصحيح أن المسألة على قولين، والصحيح من القولين أنه يجب عليهم الضمان، فإن شهد رجل وامرأتان بالمال ثم رجعوا وجب على الرجل النصف وعلى كل امرأة الربع، لان كل امرأتين كالرجل. وإن شهد ثلاثة رجال ثم رجعوا وجب على كل واحد منهم الثلث، فإن رجع واحد وبقى اثنان ففيه وجهان:
(أحدهما) أنه يلزمه ضمان الثلث لان المال يثبت بشهادة الجميع (والثاني) وهو المذهب أنه لا شئ عليه لأنه بقيت بينة يثبت بها المال، فإن رجع آخر وجب عليه وعلى الأول ضمان النصف لأنه انحل نصف البينة، وإن شهد رجل وعشر نسوة ثم رجعوا عن الشهادة وجب على الرجل ضمان السدس وعلى كل امرأة ضمان نصف السدس.
وقال أبو العباس يجب على الرجل ضمان النصف وعلى النسوة ضمان النصف لان الرجل في المال بمنزلة نصف البينة فلزمه ضمان النصف، والصحيح هو الأول لان الرجل في المال بمنزلة امرأتين، وكل امرأتين بمنزلة رجل فصاروا كستة رجال شهدوا ثم رجعوا فيكون حصة الرجل السدس وحصة كل امرأتين السدس وإن رجع ثماني نسوة لم يجب على الصحيح من المذهب عليهن شئ لأنه بقيت بينة ثبت بها الحق، فإن رجعت أخرى وجب عليها وعلى الثماني ضمان الربع، وأن رجعت أخرى وجب عليها وعلى النسع النصف.
(فصل) وإن شهد شاهد بحق ثم مات أو جن أو أغمي عليه قبل الحكم لم تبطل شهادته لان ما حدث لا يوقع شبهة في الشهادة فلم يمنع الحكم بها، وإن شهد ثم فسق قبل الحكم لم يجز الحكم بشهادته، لان الفسق يوقع شكا في عدالته عند الشهادة فمنع الحكم بها. وإن شهد على رجل ثم صار عدوا له بأن قذفه المشهود عليه لم تبطل شهادته لأن هذه عداوة حدثت بعد الشهادة فلم تمنع من الحكم بها، وإن شهد وحكم الحاكم بشهادته ثم فسق فإن كان في مال أو عقد لم يؤثر في الحكم لأنه يجوز أن يكون حادثا ويجوز أن يكون موجودا عند الشهادة فلا ينقض حكم نفذ بأمر محتمل، وإن كان في حد أو قصاص لم يجز