بلد إلى بلد فيسجن فيه إلى أن تظهر توبته، وهو قول ابن القاسم عن مالك ويكون أقل البلدين ما تقصر فيه الصلاة، والقولان عن مالك وبالأول قال أبو حنيفة وقال ابن الماجشون النفي هو فرارهم من الامام لإقامة الحد عليهم، فأما أن ينفى بعد أن يقدر عليه فلا.
وقال الشافعي: أما النفي فغير مقصود، ولكن إن هربوا شردناهم في البلاد بالاتباع. وقيل هي عقوبة مقصودة، فقيل على هذا ينفى ويسجن دائما وكلها عن الشافعي، وقالت الحنابلة: إن أخافوا الناس ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض فلا يتركون يأوون إلى بلد حتى تظهر توبتهم، وقيل فلا يأووا إلى بلد عاما، وقيل يعزروا بما يردعهم.
والظاهر أن النفي هو تغريبهم عن وطنهم.
وأما حكم المحاربين فأن يحاربهم الامام، فإذا قدر على واحد منهم لم يقتل إلا إذا كانت الحرب قائمة، أما إذا أسر بعد انقضاء الحرب فإن حكمه حكم البدعي واختلفوا في توبته على:
(أ) هل تقبل توبته؟ (ب) إن قبلت فما صفة المحارب الذي تقبل توبته. (ج) هل يسقط الحكم بالتوبة؟
قال أهل العلم تقبل توبته، وأما صفة التوبة التي تسقط الحكم فقد اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال.
(أحدهما) أن تكون توبته بوجهين، بأن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الامام (والثاني) أن يلقى سلاحه ويأتي الامام طائعا، وهو مذهب ابن القاسم والقول الثاني أن توبته إنما تكون بأن يترك ما هو عليه، وهذا هو قول ابن الماجشون. والقول الثالث أن توبته إنما تكون بالمجئ إلى الامام، وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الأحكام إن أخذ قبل أن يأتي الامام وتحصيل ذلك هو أن توبته قيل إنها تكون بأن يأتي الامام قبل أن يقدر عليه وقيل إنها إنما تكون إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط، وقيل تكون بالأمرين جميعا. وأما صفة المحارب الذي تقبل توبته فإنهما اختلفوا فيها أيضا على ثلاثة