ومن سرق ممن سواهما من الأقارب قطع لأنه لا شبهة له في ماله ولا يقطع العبد بسرقة مال مولاه. وقال أبو ثور يقطع لعموم الآية، وهذا خطأ لما روى السائب بن يزيد أنه حضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد جاءه عبد الله بن عمرو الحضرمي فقال: إن غلامي هذا سرق فاقطع يده، فقال عمر ما سرق؟
فقال مرآة امرأتي، فقال له أرسله، خادمكم أخذ متاعكم، ولكن لو سرق من غيركم قطع، ولان يده كيد المولى بدليل أنه لو كان بيده مال فادعاه رجل كان القول فيه قول المولى، فيصير كما لو نقل ماله من زاوية داره إلى زاوية أخرى، ولان له في ماله شبهة في استحقاق النفقة فلم يقطع كالأب والابن، وان سرق من غيره قطع لقول عمر رضي الله عنه، ولأنه لا شبهة له في مال غيره، وان سرق أحد الزوجين من الاخر ما هو محرز عنه ففيه ثلاثة أقوال.
(أحدها) أنه يقطع لان النكاح عقد على المنفعة فلا يسقط القطع في السرقة كالإجارة.
(والثاني) أنه لا يقطع لان الزوجة تستحق النفقة على الزوج والزوج يملك أن يحجر عليها ويمنعها من التصرف على قول بعض الفقهاء فصار ذلك شبهة (والثالث) أنه يقطع الزوج بسرقة مال الزوجة ولا تقطع الزوجة بسرقة مال الزوج، لان للزوجة حقا في مال الزوج بالنفقة، وليس للزوج حق في مالها، ومن لا يقطع من الزوجين بسرقة مال الاخر لا يقطع عبده بسرقة ماله لقول عمر رضي الله عنه في سرقه غلام الحضرمي الذي سرق مرآة امرأته أرسله فلا قطع عليه خادمكم أخذ متاعكم، ولان يد عبده كيده فكانت سرقته من ماله كسرقته.
(فصل) وإن كان له على رجل دين فسرق من ماله، فإن كان جاحدا له أو مماطلا له لم يقطع، لان له أن يتوصل إلى أخذه بدينه، وإن كان مقرا مليا قطع لأنه لا شبهة له في سرقته، وان غصب مالا فأحرزه في بيت فنقب المعصوب منه البيت وسرق مع ماله نصابا من مال الغاصب ففيه ثلاثة أوجه.
(أحدها) أنه لا يقطع لأنه هتك حرزا كان له هتكه لاخذ ماله