إعانة المنشئ أن أول ما نقل الخط العربي من الكوفي إلى ابتداء هذه الأقلام المستعملة الآن -: في أواخر خلافة بني أمية، وأوائل خلافة بني العباس: قلت:
على أن الكثير من كتاب زماننا يزعمون أن الوزير أبا علي بن مقلة (1) هو أول من ابتدع ذلك. وهو غلط، فانا نجد من الكتب بخط الأولين فيما قبل المائتين ما ليس على صورة الكوفي، بل يتغير عنه إلى نحو هذه الأوضاع المستقرة، وإن كان هو إلى الكوفي أميل لقربه من نقله عنه " (صبح الأعشى 3: 15) وكأن القلقشندي بهذا يصف نسخة الرسالة، ففي حروفها شبه بالخط الكوفي، ولم يكن الخط الكوفي مهجورا في تلك العصور، بل كانوا يكتبون به المهارق والوثائق، وكانوا يتأنقون به في كتابة المصحف وغيرها، ولذلك نرى الربيع يكتب في عناوين الاجزاء الثلاثة كلمات (الجزء الأول. الجزء الثاني. الجزء الثالث) بالخط الكوفي، ويكتب تحتها كلمات (من الرسالة رواية الربيع بن سليمان عن محمد بن إدريس الشافعي) بخط وسط بين الكوفي وبين خطه في داخل الكتاب (انظر اللوحات رقم 3، 4، 5 مقارنا برقم 6، 7، 8، 9).
والخطوط العربية القديمة التي وجدت في دور الكتب ودور الآثار تدل على أن هذا الخط كان معروفا في القرن الثاني، قبل ابن مقلة، كما قال القلقشندي.
ومن مثل ذلك أن من الأوراق البردية الموجودة بدار الكتب المصرية ورقة مؤرخة سنة 195 يشبه خطها خط كتاب الرسالة، بل إن الشبهة بينهما قريب جدا، حتى ليكاد المطلع عليهما أن يظن أن كاتبيهما تعلما الخط على معلم واحد، وهذه الورقة منشورة في الجزء الأول من كتاب (أوراق البردي العربية) الذي ألفه المستشرق جروهمان وترجمه الدكتور حسن إبراهيم، وطبع بدار الكتب