وعدمه ثبوتا - كما يقول الأصوليون - بغض النظر عن ادعاء وقوعه وعدم وقوعه في الخارج العملي.
وهذا البحث ليس بدعا من البحوث، فقد كان نقد المتن معمولا به متداولا عند الصحابة وجميع الفقهاء المسلمين والكتاب والباحثين، إذ جمع الزركشي ما استدركته عائشة على الصحابة في كتاب أسماه " الإجابة فيما استدركته السيدة عائشة على الصحابة ".
والحديث الذي يمكن أن ينتقد له القابلية لأن يلحق بما اصطلح عليه أرباب علم الدراية بالمعلول في المتن، وقد أطلق الفقهاء والباحثون على مثل هذا اسم " النقد الداخلي للخبر "، وهو قريب مما اصطلحنا عليه بجملة " نسبة الخبر إليه ".
فالعلماء لم يقعدوا هذا المنهج بشكل قاعدة عامة لها أسسها وثوابتها وتطبيقاتها في بحوثهم، ولم يستخدموه لمعرفة جميع مفردات الموضوع المبحوث عنه، وإن كانوا يشيرون إليه في الأعم الأغلب، عند دراستهم للروايات الفقهية سندا ودلالة بصورة بسيطة وسريعة، كما أنهم لم يستقصوا فقه تلك الشخصية وتاريخه وسيرته وأحواله، للحكم على الصادر عنه، بل تراهم يتخذون الموقف ويستوحونه من خلال وقوفهم على نص أو نصين عنه، وهذا ما لا يمكن قبوله، لأن الاعتماد على النص بمفرده دون مقايسته بأشباهه ونظائره والوقوف على ما يعارضه لا يجدي شيئا، ولا يمكنه أن يصور لنا فقهه وسيرته، فقد قال ابن خلدون وهو يشير إلى هذه المسألة:
"... وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم على مجرد النقل، غثا وسمينا، ولم يعرضوها على أصولها ولا قاسوها بأشباهها ولا سبروها بمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط " (1).
وقال الشريف المرتضى - من علماء الشيعة الإمامية - في جواب ما روي في الكافي عن الإمام الصادق في قدرة الله: