معالم النهجين، والوقوف على ما ادعيناه من كون المدونين هم الدعاة للمسح والأقرب إلى نهج التعبد المحض، لأخذهم بالقرآن والسنة واستدلالهم بهما.
وفي المقابل قد رأيت كيف يحكم (أهل الاجتهاد والرأي) ما يذهبون إليه، ولو تأملت في موقف الحجاج بن يوسف الثقفي - الداعي لغسل الأرجل، بحجة أنها أقرب إلى الخبث - مع المحدثين والمدونين، وسبب ختمه في عنق وأيدي بعض الصحابة أمثال سعد الساعدي وجابر بن عبد الله الأنصاري، لعرفت عمق المشكلة، وأن أصحاب الرأي والاجتهاد كانوا يرون المحدثين حجر عثرة أمام اجتهاداتهم، وقد مر عليك كلام عثمان سابقا وأن المخالفين له كانوا ممن يتحدثون عن رسول لقوله (إن ناسا يتحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)...).
فبعد هذا لا يستبعد أن يكون عدم ارتضاء عبد الله بن عباس، وابن عقيل، وجابر بن عبد الله الأنصاري الاكثار من الماء وقولهم للرجل: (قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا)، جاء للتأكيد على لزوم التعبد بقول وفعل الرسول، وعدم السماح بالرأي والاجتهاد في مثل هكذا أمور، وخصوصا بعد وقوفنا على اهتمام النهج الحاكم للمخالفة مع نهج علي وابن عباس وترجيحهم لفقه الرأي والاجتهاد على فقه النصوص، وحيث أن وضوء الربيع كان يصب فيما يريداه، وهو مما كان يدعم رأي الحجاج الثقفي وغيره، فلا يستبعد - بعد هذا - أن يكون هذا الوضوء قد تأثر بمؤثرات ذلك العهد، وعليه فأقل ما يمكن أن يقال في خبر الربيع أنه كان يفيد الحجاج وغيره، ويتخالف مع وضوء علي بن أبي طالب وابن عباس المضطهدين في ذلك العصر!!