وعقابا له، لكونه قد عصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين ناداه ثلاث مرات، لبقائه لاهيا يأكل غير مستجيبا لطلبه (صلى الله عليه وآله).
بلى إن معاوية كان أول من سن هذا التحريف المعنوي للأخبار وذلك عند اشتهارها عندهم وعند افتقاره لتأويلها، فقد جاء عنه قوله يوم صفين - لما تناقل الناس في معسكره قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عمار " تقتلك الفئة الباغية ": بأن عليا هو الذي قتله لأنه الذي جاء به (1)، ولما بلغ عليا ذاك قال: ونحن قتلنا حمزة لأنا أخرجناه (2)!!
انظر كيف انقلبت الموازين واختلط الصحيح بالسقيم والحق بالباطل، وكيف صار الجرح مدحا، والذم فضيلة، واللعنة رحمة؟!! وكيف خضعت الأمور لسلطان القوة والقدرة، وصارت الأمور تخضع لهوى الناس وحب الدنيا.
فقد نقل الذهبي عن أبي وفرة - يزيد بن محمد الرهاوي - سمعت أبي يقول، قلت لعيسى بن يونس: أيهما أفضل: الأوزاعي أو سفيان؟
فقال: وأين أنت من سفيان؟
قلت لعيسى بن يونس: أيهما أفضل: الأوزاعي، فقهه، وفضله، وعلمه، فغضب وقال: أتراني أؤثر على الحق شيئا، سمعت الأوزاعي يقول: ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على علي بالنفاق، وتبرأنا منه، وأخذ علينا بذلك الطلاق، والعتاق، وأيمان البيعة، قال: فما عقلت أمري، سألت مكحولا ويحيى بن أبي كثير، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن عبيد بن عمير، فقال: ليس عليك شئ إنما أنت مكره فلم تقر عيني حتى فارقت نسائي، وأعتقت عبيدي، وخرجت من مالي، وكفرت أيماني فأخبرني: سفيان كان يفعل ذلك (3).
ولم تختص هذه الحالة بالتابعين وتابعي التابعين بل، أنها سبقتهم إلى الصحابة