هذا وقد توجه الدكتور محمد بن محمد أبو شهبة إلى خطورة رفع الإسرائيليات إلى النبي فقال:
" ولو أن هذه الإسرائيليات جاءت مروية صراحة عن كعب الأحبار أو وهب بن منبه أو عبد الله بن سلام وأضرابهم، لدلت بعزوها إليهم أنها مما حملوه، وتلقوه عن كتبهم، ورؤسائهم، قبل إسلامهم، ثم لم يزالوا يذكرونه بعد إسلامهم، وأنها ليست مما تلقوه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أو الصحابة، ولكانت تشير بنسبتها إليهم إلى مصدرها، ومن أين جاءت، وإن الرواية الإسلامية بريئة منها.
ولكن بعض هذه الإسرائيليات - بل الكثير منها - جاء موقوفا على الصحابة ومنسوبا إليهم - رضي الله عنهم - فيظن من لا يعلم حقيقة الأمر، ومن ليس من أهل العلم بالحديث أنها متلقاة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، لأنها من الأمور التي لا مجال للرأي فيها، فلها حكم المرفوع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ولم تكن مرفوعة صراحة " (1).
ثم جاء الأستاذ ليذكر شروط أئمة علم أصول الحديث في ذكر موقوفات الصحابة التي لها حكم المرفوع إلى النبي فقال:
"... فمنشؤها في الحقيقة هو ما ذكرت لك، وهي: التوراة وشروحها، والتلمود وحواشيه، وما تلقوه عن أخبارهم، ورؤسائهم الذين افتروا، وحرفوا وبدلوا، ورواتها الأول، هم: كعب الأحبار، ووهب بن منبه وأمثالهما، والنبي والصحابة - رضوان الله عليهم - بريئون من هذا.
ويجوز أن يكون بعضها مما ألصق بالتابعين، ونسب إليهم زورا، ولا سيما أن أسانيد معظمها لا يخلو من ضعف أو مجهول، أو متهم بالكذب أو الوضع، أو معروف بالزندقة، أو مغمور في دينه وعقيدته " (2).