مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٢٨
فافهم فقد ألمعت لك بالعلم المكنون، فاشكر ربك حيث لم يكن بالغيب عليك بضنين.
المعرفة الثانية بتقابل النسختين هذه المعرفة هي معرفة الأشياء بالله ومن كونها حقا، فيشهد صاحب هذا الذوق نفسه والمسمى غيرا عين الحق، وحكمه في أول درجة هذا الذوق حكم شهود الحق نفسه في الوجود بعد الاستواء الرحماني من مرتبة الانسان الكامل عند الفراع من خلق ادم، وتحقق ادم بمعرفة ربه ونفسه بعد التحقق بالكمال، وبين هذه المعرفة والمعرفة الأخرى فرقان عظيم لا يعرفه الا من عرف نفسه وحاله وربه، وما أدرك قبل معراج التحليل حال قصده بالسلوك إلى الحق وقبل السلوك أيضا ويعرف نفسه وربه وكل شئ بعد عودة الاستهلاك من الحق للارشاد والتكميل (1) أو للترقي في مراتب الأكملية بصفة الانفراد - ان لم يلزم الارشاد - اما قولي: معرفة الفرق بين الحقائق المؤثرة والمتأثرة الانسانية من حيث الأثر.
فينبغي بعد استحضارك ما سلف في سر الأثر ان تعلم أن الشرط في هذه المعرفة المشار إليها هنا هو ان يعرف الانسان من ذاته نسبة كل حقيقة من الاباء العلويات المؤثرة والأمهات السافلات المنفعلة إليه - كالأصول الأول ومراتبها والأمهات الأربعة التي ظهرت منها أركان نشأته وقواه الكلية وأعضائه الرئيسة على التعيين وقواعد نشأته أيضا - كالجلد واللحم والعرق والعصب والعظم والعضل والغضروف والشحم والمفاصل والأعضاء ما تحرك منه دائما وما هو ساكن وما يوصف بهما تارة وتارة بشرط أو شروط - فإذا علم أصل كل شئ مما ذكر منه، وان هذا العضو أو القوة أو ما ذكر فرع ومظهر

(1) - أو استيفاء ما بقى عليه من تتمات مقام الكمال أو المقام الذي يستقر فيه (الحاشية التي دخلت في المتن)
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست