مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٢٧
بمرتبته الجامعة في ذلك العالم ويسرى اثر الحق ومدده بالكامل من حيث ذلك المظهر في ذلك الموطن والحضرة والعالم والمقام وما شئت ويصح له كونه على الصورة، وتذكر تجلى الاستواء العرشي الرحماني وقوله صلى الله عليه وآله: انه يدخل عليه سبحانه في جنة عدن في داره التي يسكن، وأشار به إلى أن جنة عدن مسكنه وهو المشهود في الزور الأعظم وحال الفصل والقضاء والاتيان لهما في ظلل الغمام مع ملائكة السماء السابعة وتحوله في الصور للأمم - حال الاستواء على عرش الفصل والقضاء - كذلك قوله صلى الله عليه وآله عن النار: فيضع الجبار فيها قدمه ونزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة - مع تقدسه عن المكان والزمان والحلول والتغير والحدثان - والتفت ذاكرا ما سلف يلمح لك بارق من سر المعية الذاتية الإلهية العامرة كل موطن ومرتبة وعالم ومكان - مع البينونة التامة - والله الهادي.
واما ما عدا الكمل: فهم في الجنة حالون مستقرون لا يفضل لا يفصل منهم شئ خارج الجنة، وإن كان فبنسبة عرضية أو باعتبار عدم تحيز أرواحهم - دون علم وشعور - والكمل يعلمون ما منهم خارج الجنة وما فيها منهم، وهم كائنون في كل شئ وكل مرتبة وعالم بحقائقهم كينونة ذاتية لا عرضية، لا يقدح في كمال بينونتهم وتقدسهم واطلاقهم امتيازهم الذاتي عن كل شئ كسيدهم، هذا وان حكمت عليهم الغفلة فذهلوا عن بعض ما فيهم من العالم أو بعض ما في العالم منهم أو بعض ما يخصهم من الكمالات، فذلك لا يقدح في كمالهم، لان ذهولهم مع كونه من حكم النشأة والموطن والوقت والحال، ففيه اسرار اخر غامضة جدا.
من جملتها ان الكامل لو استحضر دائما كل شئ لما عدم شئ ولا اختل حال، إذ علمه وحضوره يقضيان بدوام الملحوظات وبقاء نظامها محفوظا، فينسيهم الله استحضار ما يريد ذهابه، فينقطع المدد الإلهي فيزول صورة ذلك الشئ ويذهب عينه، كما أن بحضوره في حضرة جامعة بحكم ذوق: كل شئ فيه كل شئ، ينحفظ العالم ويدوم نظامه،
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست