مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٩٣
المسمى بالانسان الكامل، وما نزل عن هذه الدرجة فمرتبته دون الكمال، ولكن يتفاوت الامر بحسب قرب نسبته من الكمال وبعدها، والحكم في ذلك كله لا غلب ما يظهر حكمه من الأسماء والحقائق ويتم، وهكذا الامر فيما عدا الانسان الكامل، فان حكم هذا السر مطرد وشامل، والمرجع والمعيار حقيقة الانسان الكامل ومرتبته، المنبه عليها من قبل، ولها من الأسماء الاسم الله، ولما عداها من الجميعات ما يناسبها من الأسماء، إذ كل فرد فرد من الموجودات ما عدا الانسان انما يصدر عن الحق أولا ويستند ويرجع إليه اخرا من حيث اسم ما من أسماء الله يختص به ويتعين وينضاف إليه وينسحب حكم الله تعالى من حيث ذلك الاسم عليه، وبما بين الأسماء من التفاوت في الحيطة والتعلق والحكم، يظهر تفاوت صور آثارها التي هي مظاهرها، فافهم واعلم أن هذا ضابط موجز عظيم الجدوى لمن فك معماه وعرف تفصيله، والله يقول الحق ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.
فصل في سر الكلام واحكامه ولواحقه وما يتعلق بذلك اعلم أن الكلام من حيث اطلاقه وأصالته صورة علم المتكلم بنفسه أو بغيره، والمعلومات حروفه وكلماته، ولكل منها مرتبة معنوية، ولا يظهر شئ منها - أعني المعلومات - مرتبة كان المعلوم أو ذا مرتبة، من الوجود العلمي إلى الوجود العيني الا في مادة حاملة وصورة تتحقق بها المادة، واعنى بالمادة ما به تظهر صورة الكلام، فيتشخص في الخارج، وسواء خرج - أعني المظهر المشار إليه - عن دائرة المواد الجسمانية أو لم يخرج، واعنى بالصورة ما به يتم ظهور الحقيقة المعلومة كانت ما كانت بحيث يتأتى لكل مدرك يجمعه وإياها موطن ما ادراكها.
فإذا اعتبرت المعلومات من حيث ارتسامها في نفس العالم بها فقط، كانت حروفا
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست