مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٢٥
وعدد الموجودات بمقدار عدد رقائق الأسماء والصفات واحكامهما، وقد عرفتك ما هي فاذكر. فكل نسبة حكم وكل حكم صورة وكل صورة مجلي متحصص من مجلي جامع للمجالي هو محتدها، والمتجلى هو الحق بأحواله الذاتية المتميزة به منه والمميز للمجلى الكلى المذكور، والوجود تجل من تجليات غيب الهوية وتعين حالي كباقي الأحوال الذاتية، فمتى لحظ توحدها بأحدية الجمع الذاتي، كانت هي هو، ومتى اعتبر تعددها بحكم الامتياز والظهور، كان هو هي، وكان ظاهرا من حيثها بحسبها، فافهم.
فكل موجود كلي من الموجودات - كالقلم واللوح وغيرهما - هو صورة حال كلي، وهكذا الموجودات الشخصية صور الأحوال الجزئية.
وقد نبهتك ان الأحوال - وإن كانت ذاتية - فهي متفاوتة، وان نبا (1) فهمك عن هذا - وأنت معذور - فاذكر تقابل الأسماء والصفات المفهومة في العموم، وعلى الجملة ان فك لك هذا المعمى - مع ما لوحت به وصرحت من قبل - عرفت معظم ما يدندن (2) عليه العارفون وما يضن بكشفه الرامزون، وعلمت تعدد الموجودات واختلافها وعلة جمعها وتركيبها وموتها وافتراقها والظاهرية والمظهرية والتجلي والغيب والشهادة وغير ذلك مما يطول تفصيله، والمرشد الهادي هو الله.
قولي: ما أولية المراتب؟
للأولية حكمان: حكم من حيث الوجود وحكم من حيث المرتبة المعنوية، فاما من حيث الوجود: فالأولية تختص بصورة العماء، لأنه مشرع الوجود ومنبعه، واما من حيث المعنى: فلروح العماء وحقيقته، وليس فوقه الا أحدية جمع الهوية.
واما المختص بالانسان من كونه انسانا - إن كان من الكمل - فله أحدية الجمع المذكور وله الأزل النافي للأولية، لان لاحد وجهي حقيقته من أحدية جمع الهوية الاطلاق

(1) - نبا ينبو: تجافى وتباعد. (2) - الدندنة: ان تسمع من الرجل نغمة ولا تفهم ما يقول.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست